جزء كبير من القصة البريطانية وحوادث الإرهاب المتتالية يصلح أن يكون من باب «على نفسها جنت براقش». تساهلت بريطانيا لثلاثة عقود متتالية وهي تحتضن منظري الإرهاب المعلن من كل حدب وصوب تحت ذرائع الحريات الدينية، رغم أن العالم من حولها وعلى رأسها حكومات الاعتدال في العالم الإسلامي كانت ترسل لها التحذير تلو الآخر من أن هذه الأصوات المحتشدة في بريطانيا دعاة إرهاب لا حرية. من لندن نفسها هرب بليل، عمر بكري، ولكن بعد أن استطاع أن ينفث سمومه القاتلة إلى آلاف الشباب الذين انضموا إليه تحت غطاء «حركة المهاجرين» الشهيرة. كان عمر بكري يستهدف بحركته أبناء الأجيال المتتابعة من مهاجري القارة الهندية بالتحديد. كانت بريطانيا الرسمية توفر لمؤتمراته الشهيرة كل الغطاء والدعم اللوجستي رغم النداءات الشهيرة لأبرز رموز العمل الإسلامي في بريطانيا ومن حاملي الجنسية البريطانية. وحين حدثت أحداث السادس من يوليو للعام 2006 اكتشفت بريطانيا أن كل أعضاء التنظيم الإرهابي كانوا من خريجي الخيمة السوداء لتلك الحركة.

بريطانيا نفسها هي من استضاف «أبوحمزة المصري» الذي قال عن وجوده في بريطانيا نفسها جملته الشهيرة «وجودي هنا هو اضطرار الرجل إلى الحمَّام..» وكان يرددها في كل محاضراته وخطبه. هي من سكت على كل ما كان يحاضر به في عشرات، بل مئات الملتقيات، وحين اكتشفت بريطانيا هذا التحريض العلني المكشوف لم تفعل سوى أن توقف خطبه في المسجد، فماذا فعل بعدها أبوحمزة المصري: نقل خطبة الجمعة من المسجد إلى الشارع، وفي لندن، في خطوة دعائية أضافت له آلاف المتطرفين في ذات الشارع.

الخلاصة: ما يميز الإرهاب الصارخ في بريطانيا أنه -وكما هو واضح- إنتاج محلي غير مستورد. هم أبناء جنسيتها من جاليتها المسلمة بالتحديد، وهم نتاج خطاب بريطاني داخلي لا علاقة للخارج به على الإطلاق.