ما زلت أذكر في زمن مضى عندما بدأ التراشق بين الإعلام السعودي والخليجي من جهة والإعلام العربي في أزمة الخليج، وكيف كانت صحف كعكاظ والرياض تقود المجتمع للالتفاف حول القيادة، ويصبح عنوان الصفحة الأولى هو رسالة للمواطن السعودي أن النصر مع من لا يخون، ووقتها كانت السعودية كالقابض على الجمر، توجه لها المدافع الكلامية والنارية في وقت واحد، لكنها كانت تقف تماما في مواجهة الخصوم حتى هدتهم رسائل مثقفيها وشعرائها، مثل سمو الأمير خالد الفيصل، حفظه الله، وغازي القصيبي، وسليمان العيسى، رحمهما الله.
اليوم تغير الحال ليس كثيرا، لكنه لم يعد كما كان، فقد أصبح المواطن كما يظهر من وسائل التواصل الاجتماعي، يُقَد من يد ليست يد إعلامه وتضاء له الحقائق من قبل حسابات سوداء، لطالما كان أي تحرك نحو التطور وتنشيط الاقتصاد يزعجها بدعوى المحافظة على الخصوصية، لنكتشف اليوم أنها تصطف ضد الصحف الرسمية مع إعلام لا يتبع حكومتها ولا إرادة قيادتها، فهل هي حقا سعودية؟
لا شك أنك لا تستطيع أن تكون موافقا للإعلام في كل ما يقدم، ولا رافضا له في ما يقدم، لكن هناك نقاط بينه هي ما تجمع المواطن وإعلام بلاده، وهي رفض التخوين أولا، والانتصار لكرامة القيادة واحترامها على الأقل بعدم التبرير لمن تناول هذه الرموز بالاستهزاء أو السخرية ثانيا.
لكن هذه الحسابات لم تراع ذلك قبل هذه الأزمة بكثير، عندما شككت المواطن السعودي في قنوات المفترض فيها أنها محسوبة على السعودية، وتغاضت عن إعلام كان سببا في انهيار بلاد عربية بأكملها، بل إنه لم يترك السعودية ورموزها وهم من سبب ثباتها ووحدتها بعد الله، عز وجل.
إن إصبعا واحدا يشير إليهم وثلاثة إلينا، أين كانت وزارة الإعلام عندما أصبحت هذه الحسابات تقود أعدادا كبيرة في المجتمع وتؤلب الناس بعضهم على بعض؟
أين كانت ويوزرات معروفة تقود حملات ضد نساء ورجال من مثقفي البلد تنزع من الناس ثقتهم فيهم شيئا فشيئا؟ لماذا كان الأمر أشبه بنكتة، وهي مؤامرة كبيرة أنتجت فوبيا الإعلام السعودي.
أين كانت الوزارة وكل مؤسساتها عندما ابتعد المثقف السعودي عن المجتمع وأخذ يطل عليه من برج عاجي وينعته بالقطيع، دون أن تطالبه بأن يحترم المجتمع على الأقل، حتى يستفيد منه.
إن هذه الفوبيا الموجهة للإعلام السعودي تحتاج إلى قوة تغيير كبيرة وخطة عميقة لن يضرها لو بدأت الآن.