إن الاستثمار عادة ما يخلق معضلات إخلاقية تتجاوز الأهداف: هل نستهدف الإنجاز أم عمل الخير؟ هل من المناسب الاستثمار في شركات التبغ؟ أم في شركات تبيع الأسلحة إلى عصابات المخدرات؟ إن الشعبية التي حظيت بها ما يطلق عليه صناديق الاستثمارات ذات التأثير والتي تعود بعوائد طيبة مع تحقيق أهداف اجتماعية أو بيئية، تقوم على أساس هذا القلق، فعادة ما تجد المؤسسات أن آليات الاستثمار هذه تساعدها في عمل الخير والإنجاز بالأموال التي تنفقها على الأعمال الخيرية وبالأصول الوقفية التي تحقق العوائد، والتي تعتمد عليها الأعمال الخيرية الخاصة بتلك المؤسسات. إن الأسواق الناشئة هذه الأيام هي ضمن فئة الأصول التي تجعل الناس يشعرون بعدم الارتياح من الناحية الأخلاقية، فهل يتوجب على الناس المحترمين وضع أموالهم في صناديق سندات في الأسواق الناشئة؟ إن عوائد مؤشر سندات الأسواق الناشئة لجي بي مورجان تتأثر بشكل كبير بما يحدث في فنزويلا، والسبب بسيط وهو بينما تمثل فنزويلا 5% فقط من المؤشر، إلا أنها تمثل حوالي 20% من العائد، وذلك نظرا لأن العائد على الدين الفنزويلي هو أكبر بخمسة أضعاف تقريبا من البلدان الأخرى ضمن المؤشر، وهذا يعكس المخاطر الكبيرة التي تواجه فنزويلا، كما أن تقلبات الأسعار للدين الفنزويلي- الأعلى في مؤشر سندات الأسواق الناشئة لجي بي مورجان- تمثل حصة غير متناسبة من التحركات السعرية اليومية للمؤشر.

إن من السهل تفسير سعادتك فالواردات الفنزويلية بعد أن انهارت بنسبة 75% من 2012 إلى 2016 انخفضت بأكثر من 20% في الربع الأول من سنة 2017. إن هذه أخبار طيبة لك كمستثمر في مؤشر سندات الأسواق الناشئة لجي بي مورجان، لأن هذا يعني أن المزيد من الأموال يتم تخصيصها لخدمة سنداتك، وفي الوقت نفسه فإن الفنزويليين يخسرون الوزن بدون قصد ويبحثون عن الطعام في أكوام القمامة. بالطبع فإن هذه كارثة إنسانية ولكن بالنسبة لك فإن هذه فرصة استثمارية رائعة.

الاستثمار في السندات الفنزويلية يجب أن يجعلك تشعر «بالغثيان إلى حد ما» وهي نفس العبارة التي استخدمها مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق جيمس كومي أثناء شهادته للكونجرس الأميركي. إن مديري صناديق الأسواق الناشئة يشعرون بعدم راحة مماثلة فهم يخصصون وقتا زائدا عن الحد من أجل اتخاذ القرار المناسب فيما يتعلق بفنزويلا، لأن مكافآتهم مبنية على أساس أدائهم مقارنة بالمؤشر الذي تعتبر فنزويلا فيه المحرك الأساسي.

ربما لن يكون ذلك جيدا بالنسبة للائتمان، كما قام المحللون وحاملو السندات كذلك بالضغط على الجمعية الوطنية التي تسيطر عليها المعارضة في فنزويلا من أجل الإقرار بالدين الخارجي لفنزويلا مقابل حرية السجناء السياسيين مما يوحي بإمكانية دفع سنداتك من خلال الفدية.

إذن هل يجب أن تتوقف عن الاستثمار في صناديق الأسواق الناشئة فقط لأن 5% من مدخراتك ستذهب من أجل تمويل فنزويلا؟ من الواضح أن هذا سيعاقب البلدان الأخرى التي تعتبر من المتفرجين البريئين على هذه الفوضى الفنزويلية. إذن لا بد أن تكون هناك طريقة أفضل.

هناك طريقة أفضل بالفعل. إن الحل يتمثل في مطالبة جي بي مورجان فورا باستثناء فنزويلا من مؤشرات السندات للأسواق الناشئة التي تقوم بحسابها مما سيعفي مديري الصناديق من الحاجة لمقارنة أدائهم على أساس سندات الجوع، وفي المستقبل يتوجب على جي بي مورجان تقديم مؤشر مقبول للأسواق الناشئة الذي سينقذك من المعاناة الأخلاقية، وذلك عن طريق التحقق من أن البلدان التي تطبق الحد الأدنى من معايير الاحترام لمواطنيها هي المشمولة في هذا المؤشر فقط. إن مؤشر مقبول للأسواق الناشئة سيسمح لك بتشجيع الحصول على عوائد أعلى على مدخراتك بدون تمني حصول معاناة إنسانية. إن بإمكانك أن تنجح بدون أن تشعر بالأسى.


 


ريكاردو هوسمان





*وزير التخطيط السابق في فنزويلا