ربما كان لدينا أربعة وزراء خلال السنوات العشر الأخيرة، وهذا رقم يدل على اعتقادنا أن تغيير الوزير سيصلح مشاكل التعليم، وهذا غير دقيق، فها هي الوزارة تمارس نفس الأخطاء التي مارستها قبلا تحت إدارة وزراء مختلفين.
إذا كنت تسير في نفس الطريق ومع نفس الدليل فستقع في نفس الحفر في كل مرة وسيطول الطريق
وأنت حتما لن تصل. وإذا كنت تستخدم نفس الإجراء عند كل عقبة بسبب توصية الدليل نفسه فستستمر تمارس نفس الخطأ، لكن ربما كلفك أكثر.
الذين اقترحوا على الوزير التقدم بطلب إلغاء الانتساب والتعليم الموازي والتعليم عن بعد، هم أنفسهم الذين أوقفوا عشرات المشاريع التي بدأت بها الوزارة وتكلفت مليارات وتوقفت، لكن هذه المرة تختلف وتختلف بقوة.
فأنت الآن ستوقع وزارة التعليم في فخ قضايا التعويض، لأن هؤلاء يدرسون بأموالهم، وبعضهم قرب تخرجه فأين سيذهبون وأنت حولت الشهادات التي أصدرتها لهم إلى ورق صحف تقرؤه ثم تتخلص منه وربما حتى لا تستطيع استعماله في إعادة التصنيع.
أعرف أن الوزارة لا تهتم كثيرا بمسألة رفع القضايا، فهناك قضايا مرفوعة عليها من 250 ألف معلم
وهي تتعايش معها منذ سنوات عديدة ولا يشغل قادتها ما يعنيه وجود 250 ألف معلم سعودي غاضب في فصول الوزارة يتعاملون مع برامجها والمفترض أن يطبقون سياستها، وأعتقد أن العمق في هذا التطبيق غير مهم للوزارة، لأن كل ما تقدمه بالدرجة الأولى هو مهم فقط في اللحظة الأولى، وأعني بها عندما يتم قص الشريط وإقامة مؤتمر ووضع المفطحات لمراسلي الصحف ولا يهم ما يحدث في اليوم الثاني.
على كل حال هناك سؤال مهم جدا لماذا تقوم الوزارة بإيقاف مشاريع كهذه؟
هل أثبتت دراسات عدم جدواها مثلا؟ هل قالت دراسة إن المساجين الذين درسوا عن بعد خرجوا مجرمين أكثر أم ما نشاهده وخاصة من إحصائيات وزارة الداخلية أن هؤلاء تغيروا بعد التحاقهم بهذه الصفوف وبعضهم وجد وظيفة بعد السجن وأصبح عضوا جيدا في المجتمع؟.
هل قالت دراسة إن سيدات البيوت وهن أهم نساء في السعودية استطعن أن يجمعن بين الطموح، وأن تصرف إحداهن وقتا كبيرا في منزلها يستيقظ كفلها على ذراعها وربما جلس في حجرها وهي تتابع محاضرة عن بعد في صفها الأكاديمي؟
هل يعرف الوزير عدد من درسوا وهم على رأس العمل وغيروا العالم من حولهم من السعوديين؟
كم جنديا أصبح دكتورا جامعيا؟ وكم شابا تولى مسؤولية الإنفاق على إخوته الأيتام وأكمل تعليمه؟
بل هل يعلم أن كل دول العالم تعترف بالانتساب وبدأت تزيد فصول التعليم عن بعد كعلاج لازدحام الجامعات وتوفير الفرصة لكل مجتهد؟
أظن أنه يعرف كل هذا والوزارة كلها تعرف ذلك، لكن توصيتهم لسبب أنهم لا يعرفون كيف يديرون هذه البرامج، وكالعادة وجدوا أن أفضل حل هو إلغاؤها وليس تحسينها والارتقاء بها، وهم يضربون بالحائط كل السلبيات التي ستتحملها الوزارة والمجتمع، لأن السيد قائد في الوزارة لا يعرف.
إن هناك أملا كبيرا في مجلس الوزراء برفض مقترح هؤلاء وإجبارهم على وضع خطة لتحسينه والارتقاء به وهو المتوقع من خبراء مجلس الوزراء والمأمول منهم.