رمضان كريم، على كل كبير وصغير، على هذه الأرض، وعلى كل أرض، عسى الله، بفضله وكرمه، أن يجعل قدومه بابا للسعد على الجميع؛ آمين.. استطاعت المملكة العربية السعودية، أن تلفت أنظار العالم كله الأيام الماضية، والسبب الأبرز كان هو النجاح فوق المتوقع، للقمم الثلاث التي احتضنتها البلاد، ورعاها قائدها، خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، سدده الله، رعاية حثيثة ودقيقة، أفرحت أقواما، وقضّت، وما زالت تقضّ، مضاجع آخرين، وبعضهم من المجاورين..

القمم العالمية، أنتجت، فيما أنتجت، تدشين (مركز مكافحة التطرف «اعتدال»)، ولعله الشاهد التأكيدي الأوضح، على تزايد خطر التطرف بكل أنواعه، والدليل الأبرز على أن مستقبل السلام في أي مكان، لا بد أن يقرره أصحاب المكان نفسه، لا أن يأتي غيرهم ليقرروه نيابة عنهم. ولقد بات واضحا لكل أحد، أن الفكر المتطرف أحاط بالعالم كله، إحاطة السوار بالمعصم، كما يقال، وجديّة مواجهته مع الإسراع فيها، لا شك أنها مطلوبة، وهذا هو الذي يدعوني هنا إلى أن أؤكد على ضرورة توسع «اعتدال»، وغيره من الأجهزة المؤمنة بأهدافه، إلى احتضان الأصوات المعتدلة، من كل التخصصات، وتمكينها من إيصال أصواتها إلى الآخرين؛ وإقناعهم بأن العالم لن يستفيد أبناؤه من حياة التشدد والتزمت أبدا، والمآل مفزع إن لم يتم تداركه. وحمل مركز «اعتدال» حمل عظيم، ورسالته التي كررت قراءتها، شجعتني على مطالبة المهتمين به، بأن يصدقوا أقوال قمم الرياض بالعمل، ومن هذا العمل عدم التردد في مواجهة المنتمين إلى الفكر المتطرف، والمتعاطفين معه، والمساهمين في مناشطه، وبالأخص أولئك الذين يندسون خلف الكواليس..

الشمس، كما هو معروف، لا يمكن أن تغطّى بغربال، ويحاول عبثا أن يفعل ذلك؛ من يقول إن العالم لا يواجه تهديدا وجوديا من قبل الفكر التطرف، والمشجعين عليه، وهذه الحقيقة المؤلمة تستوجب منا أفعالا كثيرة جدا، ومنها أن نقدم نماذج متطورة لتعزيز قيم الإسلام الحقيقية، المبنية على التسامح والحوار، وعدم السماح بالتمييز والتصنيف، أو ازدراء الآخرين، أو تأجيج الكراهية بين الناس؛ ولعل من التأكيد الزائد أن أقول إن أي حكومة في العالم تستطيع أن تقصر الطريق كثيرا على المفسدين في الأرض، لو وضعت يدها في يد الرافضين الحقيقيين للأفكار الكاذبة والضالة، التي يروجها الخفافيش المندسة هنا وهناك؛ وليس خافيا أن بيننا من المخلصين من ينتظر أي فرصة علمية أو إعلامية لتصويب الأفكار الخاطئة، ووضعها في منظورها الصحيح، ومن ينتظر أن يضمه المجال الذي ضم غيره من أصحاب الأصوات المعتدلة الكفيلة بوقف ضجيج الأفكار المغلوطة، التي يروجها أصحاب الفكر المتطرف، ودعاة الأطروحات النتنة.