قال وكيل وزارة الداخلية الدكتور أحمد السالم على هامش مؤتمر «نايف القيم» الذي عقد الأسبوع الماضي، «إن الأمير نايف بن عبدالعزيز بقي حيا في عقولنا ووجداننا وترجم ما يؤمن به من مبادئ وقيم إلى واقع ملموس في أعماله ومواقفه التي رسخت في وجدان كل من عمل معه، وأمضى حياة ثرية مليئة بعطاء عظيم وعمل متقن من أجل الوطن والمواطنين».
وأضاف «رزقت قبل 12 سنة بابن وحيد أسميته نايف، وبقي هذا الاسم، وكل يوم أنادي بنايف، لأبقى أنا على ذكرى رجل عظيم ومهم للكثيرين».
حل الخلافات
قال السالم «استذكر بعض المحطات الشائكة التي أضاءها الرجل بحنكته الفائقة، فحينما انتخبت أمينا عاما لمجلس وزراء الداخلية العرب عام 1992، كانت هناك عدد من النزاعات التي تهدد وتشق صفّ الأمة العربية وتقسّمه إلى فرق متنازعة، وكان ذلك يمثل تحديا أمامنا كمجلس وزراء الداخلية العرب».
وأردف «لجأت إلى الله ثم إلى الأمير نايف وسألته عن الحل للخلافات، فأعطاني توجيها استخدمه حتى يومنا هذا فقال «أليس للمجلس نظام، طبقه على السعودية قبل الجميع، وعملك يتطلب الحياد كأمين عام، طبقه على الجميع دون استثناء، وإن كنت أنا الرئيس الفخري لهذا المجلس لا أقبل أي انحياز منك»، فبدأت بتطبيق النظام، وبذلك استطاع سموه عقد اجتماعات مستمرة بين وزراء الداخلية العرب حتى كان المجلس الوزاري الوحيد الأنجح في قمة احتدام المشكلات ولم تنقطع اجتماعاته.
حنكة وحكمة
بين السالم، أنه أثناء عقد الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب في تسعينات القرن الماضي توصلنا مع مجلس وزراء العدل العرب إلى صيغة شبه نهائية للاتفاقية، فطلب الأمير نايف التواصل مع الأمين العام لجامعة الدول العربية آنذاك الدكتور أحمد عصمت عبدالمجيد ليكون اجتماع وزراء الداخلية العرب تحت مظلة جامعة الدول العربية وليس مجلس وزراء الداخلية العرب.
وأشار إلى أنه تم التواصل مع الأمين العام للجامعة وكان رده بأنه لا يستطيع تحمل فشل الاجتماع، إلا أنه قال «الحل كان بيد الأمير نايف في حلحلة الكثير من الأمور»، فأخذ سموه زمام المبادرة بأن يعقد الاجتماع تحت قبة الجامعة العربية، وكان الخوف من فشل الاجتماع بسبب النقاشات يخيم على أجواء جلسة وزراء الداخلية والعدل العرب التي تضم 44 وزيرا عربيا، ففي حال إثارة أي اختلاف من قبل أي وزير سيؤدي ذلك إلى فشل الاجتماع، غير أن حنكة الأمير نايف وحكمته كانتا حاضرتين، فعقد الاجتماع بعد لقاءات تمهيدية منه، ووقّع الجميع ولم يتحفظ أي وزير وتمت المصادقة على الاتفاقية في عام 1998، وبعد سنة دخلت حيز التنفيذ، فقد كان الأمير نايف يتمتع بقدرة فائقة على الاتفاق مع الجميع دون أن يصادر أي حق لهم في الاعتراض.
مواقف لا تنسى
قال السالم «حينما كنت أعرض على الأمير نايف المعاملات، لا يتركني أقف خلفه، بل يقرب الكرسي خوفا من أن يطيل في مراجعة المعاملات، وأذكر في أحد مواقف إنسانياته الخالدة، أن امرأة وضعت بيتا من الصفيح في أرض خاصة بالأمير نايف، وكان حريص على الأنظمة والتعليمات، فقلت له هذه المرأة متعدية ويجب أن تُخلي الموقع، فرد باختصار (وين تسكن وش بديلها)، وتابع بقوله لن تخرج من هذا الموقع إلا إلى بيت خاص بها».