في أعقاب كل هجوم تتزايد الأسئلة المطروحة في الساحة الأوروبية، حول الأسباب الحقيقية لتحول بعض معتنقي الإسلام الجدد إلى فكر «داعش»! خاصة أن الغالبية العظمى من المسلمين الأصليين هناك هم مواطنون محترمون وملتزمون بالقانون.

 هذه الأسئلة تثار الآن في الإعلام البريطاني بعد أن أعلن تنظيم «داعش»، الثلاثاء الماضي مسؤوليته عن الهجوم الدامي الذي استهدف حفلاً موسيقياً في مانشستر شمال إنجلترا، وأسفر عنه سقوط 25 قتيلاً وعشرات الإصابات.

 الأسئلة ذاتها أثيرت في شهر مارس الماضي في وسائل الإعلام البريطانية، بعد أن قام خالد مسعود بدعس المارة على جسر ويستمنسر وسط لندن، فقتل 4 أبرياء وأصاب 50 شخصاً، وطعن أحد حراس البرلمان البريطاني بسكين، قبل أن تتمكن الشرطة من قتله!

بصرف النظر عن هوية المنفذ للهجوم الأخير إلا أن ثمة ملامح مشتركة في الاعتداءات التي حصلت في الأعوام الأخيرة، فنجد أن أغلب المنفذين من أصحاب السوابق الجنائية الذين أمضوا محكوميات في السجون، بسبب جنح أو جرائم سرقة أو متاجرة بالمخدرات، وتحول معظمهم داخل السجن إلى جنود في «داعش»، فمثلا منفذ هجوم لندن اسمه الأصلي هو «أدريان آلمز»، ودخل السجن عام 2000 بسبب جنحة ألفاظ عنصرية، ليخرج من السجن ويعتنق الإسلام، ويغير اسمه إلى خالد مسعود.

 بعد كل جريمة إرهابية نجد أن الملايين من الجاليات العربية والإسلامية في بريطانيا هم في حالة ترقب عالية لمعرفة هوية منفذ الهجوم، وفي حالة انتظار للمعلومات من الشرطة البريطانية لمعرفة هوية الجاني، لأن كل ذلك سينعكس على حزمة طويلة من الإجراءات المشددة والقوانين القاسية، وقد حصل ذلك في بعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية، ولكن عمليا بريطانيا تتميز عن غيرها من الدول الأوروبية بأن فيها قدرا عاليا من المرونة خاصة في التعامل مع المهاجرين، إذ فتحت أبوابها لكل الذين ينتمون للحركات الإسلامية المختلفة على قدم المساواة مع الذين ينتمون لتيارات ثقافية وفكرية. دينية ولا دينية. حتى أن بعض المحللين يلقي باللائمة لتساهل الأنظمة الأمنية البريطانية في الرقابة الصارمة للفكر المتطرف، وعلى الرغم من أن لندن تعرّضت إلى ضغوط من أجل تغيير قوانينها لتسير في ركاب التشدّد، لكنها رفضت أن تخضع، حتى أنها لم تسلح الشرطة بالأسلحة ولم يصدر عنها أي رد فعلٍ، بل نجد أن بريطانيا تتفاخر بقوانينها وتعدّها من أسباب الحرية والعدالة على أرضها التي يتساوى فيها الناس أمام القانون فعلاً وقولاً. وليس لديها استعداد كي تضع الإسلام أو المسلمين في موقع المساءلة عن هذه الجرائم الإرهابية. ولديها خطة واستراتيجية واضحة ومحددة لمواجهة «الإسلاموفوبيا».

 هناك بعض المحللين يرون أنه بناء على قاعدة «التطرف لا دين له»  فإن السبب الرئيس لظاهرة المتطرفين الجدد هو في استنهاض التطرف القديم الذي بدأ يتنامى في الدول الأوروبية بقيادة الأحزاب اليمينية القومية الشعبوية، وما نشهده اليوم في بعض الدول الغربية هو اتجاه نحو مزيد من التطرف والانغلاق ورفض الآخر، وبناء جدران التعصب القومي والديني، فاليمين المتطرف في مواقفه يدعو إلى التدخل القسري، واستخدام التشريعات التعسفية والعنف، للحفاظ على تلك التقاليد والأعراف في المجتمع.