شاهدتُ مقطعا قصيرا لوزير الإسكان أمس، يقول فيه: إننا سنرى في عام 2019 بيوتا تبنى خلال يومين فقط، وكأن مشكلة الإسكان تنحصر في المدة التي يستغرقها بناء المسكن، وليست في طول طوابير الانتظار، وملاءمة المنتجات ونوعية القروض، أو حتى الإجراءات التي تلي الموافقة على الإقراض!.
الحديث عن اختصار مدة البناء وتجاهل ما قبله من معضلات، هو أشبه ما يكون بشخص يقف على أرض فضاء، يحلم ببناء منزله عليها، ثم يسأل عن الجدار المناسب لتعليق لوحة داخله، بينما هو لم يبدأ بعد بوضع طوبة واحدة من ذلك البيت!
ما يجب أن تفهمه وزارة الإسكان، أن مشكلة المواطن مع المسكن ليست في المدة التي يتطلبها بناؤه،
إنما في تكدس طلبات الانتظار قبل الحصول على موافقة الإقراض والشروع في البناء.
فمتى ما توافرت الموافقة على القرض «العادل»، أو وجد المنتج السكني الملائم لاحتياجاته، يصبح القسم الأكبر من مشكلة المسكن شبه منته عند المواطن. أما القفز فوق ذلك كله إلى المدة التي يستغرقها بناء المنزل، فهو تجاهل غريب للتعقيدات والعقبات التي تسبق ذلك كله!
الحقيقة المرة التي لا مناص من قولها، إننا لم نشعر بالسكن يتحول إلى «أزمة حقيقية»، إلا بعد مجيء وزارة الإسكان بمنتجاتها وتصريحاتها ووعودها، ثم زادت الأمور تعقيدا بسياسة ما سمي بـ«التمويل المدعوم» في الصندوق العقاري.
قبل ذلك، كانت الأمور تسير بسلاسة، صحيح أن المواطن كان ينتظر عدة أعوام قبل الحصول على قرضه السكني، لكنه في النهاية كان يرى ضوء النفق، ويلمس ثمار انتظاره، لا مجرد الكلام عن اختصار مدة البناء إلى يومين!
الناس لا تريد وعودا لبناء بيوت في يومين، ولا حتى شهرين، إن كان من وعود يجب إطلاقها فهي عن اختصار الموافقة على إقراضهم إلى مثل تلك المدة، عدا ذلك لا نطلب من الله إلا مزيدا من الصبر!.