* بعد فارق زمني ليس بالقصير قُدّر لي أن أزور (الأحساء) الخصبة بالرجال والمال .. تلبية لدعوة كريمة ومؤكده من ناديها الأدبي الفتيّ للقاء مفتوح مع منسوبيه كنت المستفيد الأول من الحوار معهم والإفادة من معلوماتهم وإبداعاتهم وأكرمني الصديق أ.د (ظافر بن عبدالله الشهري) وهو العضو الفعال بالنادي والجامعة بجولات جددتُ العهد بها لأماكن تستحق المشاهدة فهي من عوامل الجذب السياحي لهذا البلد الطيب ومنها على سبيل المثال (قصر إبراهيم ومسجد قبّته وسوره الذي تسلقه الملك المؤسس (عبدالعزيز) ورجاله حينما استعاد مملكته .. والمتحف ومسجد (جواثا) ثاني مسجد صُليت به الجمعة بعد ظهور الإسلام ، وميناء (العقير) الذي لو أعيد له نشاطه القديم لفاء بالخير والنماء للأحساء وما جاورها ولعل من بواكير إحيائه ما يتم الآن من ترميم له ليصبح معلماً سياحياً ، وجبل (قاره) بمغاراته وتجاويفه ذات الهواء البارد صيفاً الدافئ شتاءً والمكان المفضل لقضاء عطلة نهاية الأسبوع وسوق الخميس من أقدم أسواق الجهة وحرم جامعة الملك فيصل القديم والجديد بمنشآته العملاقة) .

وفي الحقيقة أن (الأحساء) بما حباها الله تعالى من المعطيات الطبيعية إلى جانب كونها أكبر واحة للنخيل تستحق وبجدارة الرفع من محافظة إلى منطقه لتواكب نظيراتها بالتنمية والتطوير وهو ما أرجوه لكل من (الطائف ـ القنفذة ـ بيشة ـ وادي الدواسر) وغيرها من المحافظات التي تؤهلها للرفع نسبة المساحة والسكان.

وهذا بلا ريب يصب بمصلحة المنطقة الأم والوليدة معاً ليأخذ كل منهما نصيبه من المشروعات التي تحرص الدولة على توزيعها بالقسطاس لكل المواطنين.

إن (الأحساء) بكل مقوماتها البشرية والطبيعية مهيأة لنيل مكانتها اللائقة بها بين رصيفاتها من مناطق المملكة.

أما ظاهرة احتراق غاز آبار البترول بالهواء وكانت إهدارا للثروة وتلويثاً للأجواء فقد انتهت والحمد الله للأبد بتحويله إلى غاز مسال يستفيد منه الناس ويعود ريعه للخزينة العامة.

والمؤمل أن تُمد شبكاته بالمستقبل القريب ليصل إلى مدن وقرى المملكة فتعم الفائدة ويحمد القوم السرى .. كما نتمنى أن يتصل قطار (الدمام ـ الرياض) بشبكة السكة الحديدية المأمولة لربط كافة مناطق المملكة ببعضها من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها لغربها وما ذلك على الله بعزيز.

بقيت الإشارة إلى أنه مما يُحسب لنادي الأحساء الأدبي رغم حداثة عهده إنجازه كثيرا من المناشط المنبرية والطباعية المميزة ومن ذلك تنظيمه لملتقى (جواثا) حول كتابات الرحالة عن (الأحساء) وشارك فيه عددٌ من الأكاديميين والباحثين من سعوديين وعرب سلّط الأضواء على مراحل مهمة من تاريخ هذا الجزء الغالي من الوطن.

* أهداني الباحث الأحسائي (خالد بن قاسم الجريان) تحقيقاً لمخطوط ألفه (ابن المبرد المقدسي) بالقرن العاشر الهجري بعنوان (كل المرام .. في أخبار عروة بن حزام) طباعة 1428 في 118 صفحه اشتملت على دراسة مفصلة عن شاعر عذري من صدر الإسلام لم يتمكن من الزواج بحبيبته (عفراء) ابنة عمه لاشتراط أهلها مهراً أكبر من احتماله .. وحينما علم خلال غيابه لجمع المهر أن فتاته زُوجت بغيره هام على وجهه ومرض مرضاً شديداًً حتى مات من تباريح الغرام بعهد (معاوية بن أبي سفيان) ولكن بعد أن ترك وحبيبته وهي شاعرة مثله قصائد بديعة تناقلتها الأجيال من بعده وسجلها (أبو الفرج الأصفهاني وأحمد ثعلب وابن الجوزي وبدر الدين العيني وابن السراج القاري) وغيرهم بمن فيهم صاحب المخطوط (ابن المبرد) .

والمطلع على الكتاب سيشعر بالمتعة لما حواه من سرد بديع وتسجيل لمشاعر الحب العفيف الذي كان سائداً بين العرب الأوائل سواء بالجاهلية أو عصر الإسلام .