تعد التجربة السعودية في التصدي للإرهاب من أهم التجارب وأنجحها على الصعيدين الإقليمي والدولي، حيث تعد مسألة الحرب على الإرهاب عملا شاقا يتطلب تنسيقا دوليا وتعاونا إقليمية لخنق منابع التمويل والتدريب التي تستخدمها الجماعات المتشددة.

وبحسب مراقبين، كانت الأوسمة والجوائز التي تقلدها القادة والمسؤولون السعوديون، خير شاهد على إنجازات المملكة في هذا المجال، حيث تم تقليد ولي العهد الأمير محمد بن نايف مؤخرا ميدالية «جورج تينت»، المقدمة من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، نظير جهوده المتميزة الاستخباراتية في مجال مكافحة الإرهاب وإسهاماته غير المحدودة لتحقيق الأمن والسلم الدوليين. وكان الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند قد منح العام الحالي وسام جوقة الشرف الوطني لولي العهد خلال زيارته لفرنسا تقديرا له على جهوده الكبيرة في المنطقة والعالم لمكافحة التطرف والإرهاب، في وقت أشاد وزراء الداخلية العرب بالدور الريادي والجهد الدؤوب الذي يوليه الرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء، الأمير محمد بن نايف، في دعم التعاون الأمني العربي وضمان استمراريته.


تحالفات المكافحة

قدمت المملكة واحدة من أكبر المبادرات الدولية والإسلامية في مكافحة الإرهاب، حيث تمثلت هذه المبادرة في تشكيل التحالف العربي الإسلامي لمحاربة الإرهاب، وإقامة مركز عمليات مشتركة في الرياض لتنسيق ودعم العمليات العسكرية لمكافحة الإرهاب وتطوير البرامج والآليات اللازمة لدحره. وخلال قمة مجموعة العشرين التي عقدت في مدينة أنطاليا التركية عام 2015، شدد خادم الحرمين الشريفين في كلمة ألقاها على ضرورة مضاعفة المجتمع الدولي لجهوده لاجتثاث الإرهاب، واصفا إياها بالآفة الخطيرة، وبأنه داء عالمي لا جنسية له ولا دين، لافتا إلى أن الدول يتعين عليها القيام بكل التزاماتها للتصدي لهذه الظاهرة، ومؤكدا أن المملكة اقترحت إنشاء المركز الدولي لمكافحة الإرهاب تحت مظلة الأمم المتحدة، وتبرعت لصالحه بـ110 ملايين دولار، داعيا الدول الأخرى للإسهام فيه ودعمه لجعله مركزا دوليا لتبادل المعلومات وأبحاث الإرهاب.

تجارب مشتركة

أثمرت مساعي المملكة في حربها ضد الإرهاب، باستضافة المؤتمر الدولي في العاصمة الرياض عام 2005، وذلك بمشاركة أكثر من 50 دولة عربية وإسلامية وأجنبية، إلى جانب عدد من المنظمات الدولية والإقليمية والعربية عن تتويج لجهودها في محاربة الإرهاب بكل صوره على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي.

كما نظمت المملكة حملة التضامن الوطني لمكافحة الإرهاب في مختلف مناطق المملكة، واستمرت أسبوعا كاملا شاركت فيها جميع القطاعات التعليمية والأمنية بهدف زيادة الوعي العام في دعم التعاون بين أفراد المجتمع السعودي للتصدي للعمليات الإرهابية، وتعزيز الانتماء للوطن والدفاع عنه، بالإضافة إلى مكافحة الغلو والتطرف اللذين ينبذهما الدين الإسلامي. كما تم إنشاء مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية، والذي يحظى بمتابعة واهتمام ولي العهد وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف من أجل تصحيح وتوعية أفكار المغرر بهم، كما يقوم بدمج المستفيدين بالمجتمع تدريجيا، خصوصا من لم تلطخ أيديهم بالدماء ولا يزالون في طور الإصلاح والهداية.


تعاونات أمنية

يأتي ذلك، في وقت أكد الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، خلال استقباله المنسق الدولي للتحالف الدولي ضد داعش بريت ماكغورك، دعم ووقوف المملكة مع الجهود الدولية التي تهدف إلى التصدي للأعمال الإرهابية، مشيرا إلى أن المملكة من أوائل الدول التي كافحت الإرهاب ولا تزال تسعى لاجتثاثه. كما وقع الأمير محمد بن نايف العام الماضي اتفاقيتي تعاون أمنيتين شاملتين مع كل من جمهورية قيرغيزستان، وجمهورية البوسنة والهرسك، في مجال مكافحة الإرهاب. من جانبها، تتصدى المملكة لكل أشكال التطرف عبر الحملات الإعلامية المضادة للحملات المغرضة ضد العرب والمسلمين، وذلك عبر أساليب تتناسب مع طبيعة المرحلة، لتبيين الفكر الوسطي البعيد عن الغلو والانحراف. كما أصدرت المملكة جملة من الأنظمة والتعليمات لاستخدام شبكة الإنترنت والاشتراك فيها بهدف مواجهة الاعتداءات الإلكترونية والإرهاب الإلكتروني، إضافة إلى تنظيم الجهات المعنية دورات تدريبية عديدة عن مكافحة جرائم شبكة المعلومات العالمية التي ترتكب عن طريق الأجهزة الإلكترونية وتحديد أنواعها.