تمزيق الكتب الدراسية في نهاية العام ظاهرة تشهدها بعض المدارس، وقد تتكرر سنويا، وتنقل عبر كاميرات المارة، مما يجعلها مثارا للتعليقات التي لا تسلم منها المدارس ولا حتى الوزارة. فهذا السلوك، مهما بلغ من الفردية، يظل مثارا للانتقاد الذي يجعل منه قضية، على الرغم من وجود صور مماثلة لهذا السلوك في دول أخرى.

هذا ليس تهوينا من شأن الحادثة أبدا، إنما هو محاولة لوضعها في سياقها الطبيعي، فتمزيق الكتب حدث لم يتحول بعد إلى ظاهرة تخلق أزمة ثقة في المؤسسة التعليمية ورجالها.

إن ما شهدته الأيام الماضية من تقاذف للمسؤولية، ومن تحامل على أطرافها في إدارة المدرسة أو الوزارة لا يعكس الصورة المنتظرة في مثل هذا الموقف، الذي يحتاج إلى قرار تربوي سليم، بل لعل ذلك لا يعدو محاولة هروب نحو الزاوية البعيدة. أما الإجراء الأمثل في مثل تلك الحالة فهو احتواء الموقف بهدوء من قبل المسؤولين والقيادات التربوبة، ثم معالجته بالطرق العلمية والوسائل التربوية.

تمزيق الكتب سلوك سيئ يحتاج إلى العلاج، لكن العلاج الناجع لا يمكن استخلاصه تحت تأثير الانفعال الآني بالموقف، ولا تحت ضغط الحشد الجماهيري القائم على الانتقاد والهجوم. تلك الحادثة وغيرها من الحوادث التي تتعرض لها المدارس تحتاج إلى التوجيه لا إلى المواجهة، ما يعني أن يخضع الموقف للدراسة على يد فريق من الأخصائيين، غايته وضع اليد على مكمن الخلل؛ الذي قد يكون في علاقة الطالب بالكتاب المدرسي، وقد يكون في علاقته بالمدرسة أو بالسياسة التعليمية. وهنا لابد من القيام بدراسات ميدانية تستهدف المدارس التي شهدت مثل تلك السلوكيات، وتتخذ منها عينة مقصودة، يمكن اختبارها مباشرة والخروج بنتائج دقيقة تضعنا أمام حقيقة

ما حدث.

هذا يعني أن وزارة التعليم بحاجة إلى تخصيص إدارة للبحث التربوي، تكون مهمتها دراسة مثل تلك السلوكيات وتقديم التوصيات العلمية لعلاجها. ويمكن أن يستفاد في تلك الإدارة من كفاءات الوزارة من المعلمين والمعلمات الحاصلين على درجتي الماجستير والدكتوراه في علم النفس وعلم الاجتماع، وذلك بتفريغهم كليا للعمل البحثي.

ويمكن أيضا، كإجراء احترازي، تعيين لجنة في كل مدرسة، في نهاية العام لاستلام الكتب وتسليم الشهادات، يكون شعارها (سلّم واستلم)، ووظيفتها جمع ما لدى الطلاب من كتب مدرسية، وتوقيع الطلاب على التسليم قبل استلام شهادات النجاح، وبهذا يمكن الحد من استهتار الطلاب بالكتاب المدرسي.