أربعون عاما من اللوثة والجنون والهوس والضياع التام للعقل والمنطق، أربعون عاما من اللطم والتطبير والنواح والزحف للقبور وضرب الخدود، أربعون عاما من ارتداء العمائم السوداء والضمائر الأشد سوادا، أربعون عاما من تعاطي الحشيش وتهريب المخدرات والأسلحة وزرع العصابات الطائفية، أربعون عاما من الاغتيالات والخطف وتصفية المخالفين، أربعون عاما من الضحك على فتاوى تحريم أكل الجبن والخنافس مع جواز أكل الباذنجان لأنه موالٍ! أربعون عاما من تصدر ملالي لا يحفظون آية ولا حديثا ولا ينطقون بشكل سليم، ديدنهم الشتم فقط والقذف والتحريض على أخذ الثأر والقصاص، مع التأكيد أولا وقبل كل شيء على وجوب دفع الخُمس، أربعون عاما من الهستيريا والصراخ بأعلى صوت «يا حسين»، بينما القصد تمرير شريعة «أبي جهل»، هذا ملخص موجز للهستيريا المقدسة التي أفرزتها ثورة الخميني اللا إسلامية واللا إنسانية، إنما ثورة الهمجية والبربرية. ثورة حولت «بغداد» من عروس الدنيا وإرث الحضارة إلى مكب نفايات وأسلاك شائكة وميليشيات تجوب الشوارع لتقتل وتسلخ على المعتقد والهوية، ثورة حولت ست الدنيا «بيروت» لشمطاء عبوس، ثورة ألقت بأطنان من النفايات في شوارع كل المدن الواقعة على خط الهلال الفارسي، هذا وقد تعهد حزب الممانعة والصمود «حزب الله» أمام الشعب اللبناني بأن يحل هذه الأزمة جذريا، وبعد أن خاض حزب اللات حربه الضروس ضد أكياس القمامة بأيام قليلة، أعلن الحزب الذي (هزم إسرائيل على المنابر) أنه تعرض لهزيمة نكراء من كيس القمامة! فهل ستنجح بلديات بغداد وبيروت في حل أزمة النفايات؟ حسنا، الأمر ليس بهذه السهولة، فمشروع «الخميني» يستند على ضرورة ملء شوارع كل المدن العربية بالنفايات والدماء والحشيش والأسلحة، وبما أن النفايات جزء أصيل في عقيدة ملالي طهران فستبقى شوارع بغداد وبيروت متسخة حتى تتحقق كامل أهداف الثورة!

المسألة إذاً عقيدة راسخة، عقيدة يؤمن أتباعها بضرورة نشر الجهل والغباء والجوع والأمراض، بضرورة سفك الدماء، بضرورة ترك النفايات تتكدس في الطرقات، حتى إذا زاد عدد المرضى جراء كل هذا فالعلاج والشفاء التام في التربة الحسينية، لهذا يأكل الناس ويبلعون التراب بلعا في أي مكان رُفعت فيه صورة الولي الفقيه! ولمن يشكك في حقيقة هذا الأمر عليه بالعودة إلى وكالة «رسا» للأنباء والتابعة لحوزة قم، حيث صرح ممثل الولي الفقيه «رحيميان» بأن المرشد الأعلى «خامنئي» يستلهم حكمته وبصيرته من الإمام الغائب، وذلك عبر لقاءات سرية تُعقد بشكل دوري بين سماحته وإمام آخر الزمان، وقد أكد «رحيميان» بأنه شخصيا قام برصد 13 لقاء من هذه اللقاءات المباركة! أي أن المرشد الأعلى مجرد سكرتير مهمته تنفيذ أوامر المهدي المنتظر، تلك الأوامر تنص على ضرورة نشر الخراب والدمار والنفايات والدماء وأشلاء الجثث والأطفال اللقطاء، فإن تحقق هذا الأمر ونُفذت الأوامر على أكمل وجه، حينها سيظهر المهدي ليحكم بالعدل! هنا يُمكن القول إن ما يظنه العقلاء غباء محضا هو عند الأغبياء عقيدة راسخة.

إلى هنا ولم ينته الأمر بعد، فكل هذا الدمار لا يكفي للظهور، ولا بد إذاً وأن تحدث حرب عالمية تبيد الملايين وتحرق الأرض وتُدمر الحضارة، حينها فقط، حين تتشوه الإنسانية سيظهر معاليه ليملأ الأرض قسطا وعدلا وينشر السلام، إذاً مهمة ملالي طهران الوحيدة تتلخص في تهيئة البيئة الخصبة التي سينبت فيها المهدي المنتظر! فهل بعد هذا الجنون، جنون؟! في الحقيقة أن كل ما سبق ليس إلا بداية الجنون، فالجنون فعلا سيبدأ بعد ظهور المهدي، لأن علامة ظهوره الأولى أن يخسف الله بجيش كامل! وهذا الإجراء المبدئي فقط للترغيب في المبايعة، وفعلا سيبايع الناس المهدي الذي سيستغل الفرصة ليبدأ فورا بتنظيم صفوف متابعيه كي يخوض بهم معارك طاحنة ضد من بقي من البشر.

سيبدأ القتال أولا في جزيرة العرب، ثم بقية العرب، ثم ينطلق لأميركا وأوروبا، بعدها سيصفي حساباته مع الأتراك، وحين يقضي عليهم سيباشر في قتال اليهود حتى إذا فرغ منهم سيقاتل كل البلاد الشيوعية، وحين يفرغ من كل هذا القتل، حينها فقط، حين لا يبقى على وجه البسيطة إلا المهدي وأتباعه، سيحل الأمن أخيرا، وستُخرج الأرض زرعها وتُسقط السماء ماءها، وسيفيض المال وتزهر الأشجار، وستنام الخراف في أحضان الذئاب، وسيبدأ البشر في هذه الأجواء الباريسية بالتكاثر من جديد، لكنهم هذه المرة سيخرجون مشوهين كونهم من نسل وحوش.

إلى هنا لم نصل لأسوأ ما في الأمر، لأن أسوأ من كل ما سبق، أسوأ من تكدس النفايات وانتشار الميليشيات، أسوأ من عقلية الولي الفقيه وعقيدته اللا منطقية، أسوأ من هذا النظام الأيديولوجي الطائفي المتطرف بلا هدف منطقي، أن بيننا من يؤمن بكل هذه الهستيريا ويهيم بها ويتبعها عقديا وسياسيا، أسوأ من الجنون أن يرى الإنسان في الجنون نجاة وخلاصا، وأن يؤمن الإنسان بكل هذا الجنون فهذه دلالة على أن الخراب لم يتوقف عند النفايات، إنما تغلغل للعقول، أسوأ من عقلية الولي الفقيه هي العقلية التي تصف «الخميني» بأنه من أبرز مجددي الإسلام، أسوأ من جنون الولي الفقيه أن يخرج باحث ومفكر مجنون ليقول بأن «الخميني» أفضل وبكثير من معاوية، وربما من أبي بكر وعمر! فكيف بحق يتفاهم الإنسان مع هذا النظام ومع أتباع هذا النظام؟