لا يمكن أن يلوح اسم صحيفة الرياض في البال دون أن ترتسم ملامح تركي السديري أمامك، وهو الذي تسنّم رئاسة تحريرها لأكثر من أربعين عاما أو تزيد. قضاها وهو يقود دفة الصحيفة الرسمية الهامة، دون كلل أو حتى ملل، وهذا في ظني يعود إلى أن أمثال تركي السديري، لم تكن الصحافة بالنسبة لهم مجرد وظيفة، وإنما عشق وهواية وحياة كاملة.
أعتقد أن رحيل الأستاذ تركي السديري رحمه الله، هو بمثابة توديع زمن مهم من أزمنة الإعلام السعودي، فهو كبير الصحفيين، وهو قائد الرعيل الأول من الصحفيين القدامى وذوي الخبرة والمهنية.
أتحدث هنا وأنا الإعلامي والكاتب الذي لم تجمعه مع تركي السديري أية علاقة، لا شخصية، ولا مهنية، غير أنني ممن فتحوا أعينهم وأول صفحات قراءاتهم الصحفية على اسم تركي السديري، إعلامياً من حيث ذيوع صيته المهني، وكاتباً من خلال زاويته اليومية، وأباً روحياً إن جاز التعبير للصحافة السعودية على ما يقرب من نصف قرن.
دائما ما أقول إننا لا ننتبه للأماكن حتى يهجرها الناس، ولا ننتبه للناس حتى يهجروا الأماكن، ثم نبدأ بعد ذلك بكتابة المراثي، وإقامة سُرادق الفقد، ويمرّ تركي السديري مثل غيره، من الرموز الذين لم يبحثوا عن رمزيتهم، وإنما كانوا بكل بساطة يحبون ما يعملون، ويخلصون في ما يعملون، ثم يلقون علينا تلويحة يد الوداع، وتنتهي الحكاية.
لا نقول إلا رحم الله رائد الصحافة السعودية، ونُهيب بمحبيه أن يدوّنوا سيرته ومسيرته المهنية الطويلة، حتى يتسنى لنا ولمن يأت من بعدنا، قراءة شخصية السديري ومهنيته وحتى ذكرياته التي بالتأكيد ستكون حافلة بالكثير من المعلومات والأحداث والمواقف والشخوص.