لا أشك في أن خريجي جامعة نجران ابتهجوا كثيرا بخبر توجيه أمير المنطقة للجامعة بضرورة الاحتفال بتخرجهم وتشجيع المتميزين منهم، لأن تلك الاحتفالات حتى وإن كان بعضها شكليا، لكنها تشعر الطالب وأهله بأهمية ما حققه من إنجاز، فقد طوى سنوات الجهد والمثابرة ليقف على مشارف حياة جديدة لا تقل إثارة عما سبق، غير أن مؤسساتنا التعليمية وسواها تغفل جانب التشجيع وبث الحماس وإشاعة البهجة، وتكرس اهتمامها في الجوانب الضبطية التي قد تحاصر الطالب وحتى الموظف وهو يبحث عن الثغرات التي تسمح له بممارسة نشاط معين وإقامة احتفالية مع زملائه بمعزل عن الأجهزة الرقابية التي قد تداهم المكان فتصادر أطياف البهجة، والتي لا تجرؤ على الحضور مجاهرة، وإنما ترتدي ألف لون وتسلك أكثر من طريق حتى تمر دو أن تسجل كمخالفة في سجل من افتعلها. وحقيقة نقولها إن طلاب مدارس نجران وجامعتها يحتاجون فعلا للأنشطة والبرامج التي تخرجهم من التوتر الذي شهدوه خلال الفترة الماضية، من ضغط للمناهج، وتقليص للحصص والمحاضرات، إضافة إلى الحشد المكثف في أماكن محددة، نتيجة لضم أكثر من مدرسة في مبنى واحد وهو ظرف مؤقت وسيزول إن شاء الله، لكن لابد أن نكسر الرتابة بتفعيل المناسبات الوطنية، وإقامة المهرجانات السنوية التي كانت تنظم في السابق.

إدارة التعليم في المنطقة نظمت حفلا للمتفوقين والمتفوقات، ولا أدري هل جاء كبادرة أم بتوجيه من سمو أمير المنطقة، الذي يبذل جهدا لإشاعة الأمن والاستقرار ودفع عجلة التنمية لتبقى حثيثة لا تتأثر بأي طارئ كان، والدور يعول على الإدارات والمؤسسات للقيام بدورها هي الأخرى، ولنهمس لبعضها أن تحسن العلاقة مع منسوبيها، فهم في النهاية الواجهة التي تصل من خلالها إلى الآخرين، إما بفكرة جميلة ينقلها هؤلاء بفضل حسن تعاملها ورقي خدماتها أو العكس من ذلك صورة لتواضع دورها، وتدني خدماتها، وبالتالي مخرجاتها، أيضا لا بد لتلك القطاعات المتخذة جانب الابتعاد، أن تخلق التقارب والتشارك مع المجتمع، وتتحمل مسؤوليتها تجاههم، عوضا عن مراقبة ما يصدر عن أفراده من نقد، بعضه صحيحا، لتبدأ عملية الشد والجذب وتبادل التهم، والتي قد يصل بعضها إلى قاعات المحاكم، وكل طرف ينتظر ما يقع على الآخر من عقوبة يرى أنه يستحقها.