مايكل إس. تيتلباوم
على مدى 60 عاما منذ إنشاء ما يعرف الآن بـ«الاتحاد الأوروبي»، تم في الغالب تحقيق تطلعات مؤسسي الاتحاد. ولم تحدث أي كوارث أقرب إلى العنف الكارثي والانهيارات السياسية في النصف الأول من القرن العشرين داخل الاتحاد الأوروبي، الذي كان يتمتع بدلا من ذلك بعقود من الاستقرار والازدهار.
ومع ذلك، منذ حوالي عشر سنوات، فإن مشاكل الاتحاد الأوروبي قد تنمو، وهي على سبيل المثال لا الحصر: تباطؤ النمو الاقتصادي العام يرافقه ركود عميق وارتفاع معدلات البطالة في بعض الدول الأعضاء، عدم الاستقرار في اليورو، وتزايد الانتقاد للعجز الديموقراطي المزعوم في مؤسسات الاتحاد الأوروبي. وقد أدت هذه التحديات وغيرها إلى ظهور قوات مناهضة للاتحاد الأوروبي في جميع أنحاء القارة، مما كشف عن الصراع بين آمال العديد من الأوروبيين في تحقيق تكامل أعمق وتطلعات العديد من الآخرين نحو الهوية الوطنية والسيادة والاستقلال.
في أوائل عام 2015، ومع ظهور أزمة المهاجرين الأوروبيين، فشل معظم قادة الاتحاد الأوروبي في فهم كيفية أن استجاباتهم لها ستضيف إلى المشاكل القائمة للكتلة. وكان عدد قليل منهم يتوقع أن تظهر أسوار أسلاك شائكة على طول الحدود الداخلية لأوروبا، كما أن تنظيم «داعش» سوف يستفيد من تدفقات اللاجئين الفوضوية لإرسال بعض مقاتليه إلى أوروبا، وأن الاشتباكات الثقافية المستقطبة ستعقبها أحداث من قبيل الاعتداءات الجنسية الجماعية في المدن الألمانية، مثل تلك التي ارتكبت في ديسمبر 2015، أو أنها تُعد أحد الأسباب الرئيسية للاقتراع البريطاني لعام 2016 للخروج من الاتحاد الأوروبي الذي من شأنه أن يثبت أنها استحقاقات الهجرة للاتحاد لغير المواطنين البريطانيين. وقد أدت الهجرة والسياسات المستخدمة للتصدي لها إلى اتساع التصدع الذي أصاب المشروع الأوروبي.
ويبدو أن عدد اللاجئين والمهاجرين إلى أوروبا اليوم أقل مما كان عليه في عام 2015، ولكن احتمال حدوث زيادة أخرى ما زال مرتفعا. وستزداد هذه النسبة إذا ما ازدادت حدة الحرب الأهلية في سورية، علما بأن الاتحاد الأوروبي وتركيا اتفقا العام الماضي على الحد من تدفق الهجرة، أو إذا ازدادت حالة الفوضى التي تثير القلق، مثل تلك الفوضى التي تحدث في ليبيا والسودان والصومال وأفغانستان والعراق، على حد سواء.
باحث بارز في برنامج العمل والحياة المهنية بكلية الحقوق بجامعة هارفارد - مجلة (فورين أفيرس) - الأميركية