أصبحتُ أتحاشى نقاش القضايا التعليمية لسبب واحد، وهو أن الحديث ليس له جدوى، وينطبق عليه مثل جنوبي ساخر يقول: «قهقه في قلبٍ ما يفقه»!

قبل أيام، انتشر مقطع لمجموعة أطفال يمزقون كتبهم المدرسية خارج أسوار المدرسة. الوزارة التي بلغت أعلى درجات الانضباط -كما يتصور وزيرها المبجّل- استفزها التصرف الأهوج، فأطاحت بالحلقة الأضعف أمامها، مدير المدرسة!

تركت وكلاءها ومديريها وأجهزة المتابعة، ومديري ومديرات المدارس التي شهدت وفيات وقضايا إهمال، وحوادث ضرب وطعن وقتل، وتفرغت لمدير مدرسة ضعيف لا يمتلك من الصلاحيات ما يغلق بابا ويفتح آخر!

أنا لا أدافع عن مدير المدرسة. هو يستحق المحاسبة ولا شك، لأن ما حدث نتيجة، والقانون يقول لكل نتيجة سبب. لكن الانتقائية في الاعفاءات هي المستفز!

لا جدوى من الحديث عن قضايا التعليم. الذي يدعوني اليوم لمعاودة الحديث عنها، عبارة قالها الأمير فهد بن سلطان -أمير المنطقة التي شهدت الواقعة- والتي تكشف بوضوح تام امتعاضه من قرار الوزارة، مشيرا بشكل غير مباشر إلى أن المفترض بوزارة التعليم معالجة هذه الأمور بحكمة، و«إذا كانت هناك مخالفات فيما حصل، فهناك أنظمة تطبق في هذه الحالات»!

شخصيا، أضم صوتي لصوت الأمير فهد، فالأمر مضحك بالنسبة لي. الوزارة أصدرت إعفاء المدير دون تَثبُّت أو حتى تحقيق صُوري عاجل. فإن كان سبب الإعفاء -كما تروّج الوزارة- هو خروج الطلبة إلى الشارع دون رقابة، فهذا عذر أقبح من ذنب. إذ هذا هو ما يحدث في جميع مدارس بلادنا. عطفا على حضور الطلبة سيرا على الأقدام وعودتهم بالطريقة ذاتها!

مشكلة الوزير الحالي أنه مُنظّر جيد، لكنه يعيش عزلة شبه تامة عن الميدان.

أول من أمس، يقول الوزير في تغريدة في تويتر: «‏اليوم ومع بدء الاختبارات النهائية لهذا الفصل، أسأل الله العلي القدير أن يوفق أبنائنا وبناتنا للنجاح ومواصلة مسيرة العلم والتعلم مدى الحياة». نقلت التغريدة بالخطأ الإعرابي الوارد فيها. لكن هذا ليس مهما، فنحن لا نتصيد الأخطاء العابرة، لكن الذي فات على الوزير المبجّل أن الاختبارات بدأت الأسبوع الماضي!

تجدر الإشارة في الختام إلى أن الذي فاقم عزلة الوزير عن الميدان، هو بعض الأجهزة المحيطة به، وعلى رأسها جهازه الإعلامي!.