ساحتنا الدعوية اليوم في جوانب منها غير منظمة أو فلنقل غير مقننة.. فتجد أن بعض من اتصف مظهره بالدين أعطى لنفسه الصلاحية في التحدث في دين الله بما يريد والتوقيع عن رب العالمين؛ فتجده يخضع ما يريد من النصوص أو حتى الآثار لما يخدمه ممتطياً صهوة جواد التأويل الخاطئ أو الربط المتعسف؛ بل وتجد بعضا منهم يختلق القصص الكاذبة وأحيانا المضحكة -جهلا- ليطوع أذهان مستمعيه وليملؤها بما يريد كما يريد وإلى ما يريد! وأحياناً للأسف يستخدم أدلة ويسميها حديثاً شريفاً دون أن يتحقق من صحيحها وضعيفها وموضوعها!؛ فهو يأتي بعبارات عاطفية تنطلي على الكثير من العامة وقد ملأها بسم زعاف ينتج إرهابا أو تحللا أو كرها للدين أو استخافاً به على أفضل الأحوال أو استهزاء بأفراد أو طوائف من مجتمعنا المسلم؛ بل وعلى نطاق أوسع فإن من شأن هذا الفعل الشنيع أن يضحك العالم على ديننا أو يجر له الويلات ويذهب ضحيته من لا ذنب له في ذلك.. فلا إرهاب بلا فكر ضال، ولا فكر ضال بلا داعي هوى اعتاد الحرية في نفث سمومه!

ولا ضير أن مثل هذا من شأنه - ليس فقط تسميم عقول النشء- ولكن أيضاً خلق طوائف وتحزبات يكون بينها ما بينها من الخلافات والصراع على حساب مصلحة الوطن وأهله بالطائفية والمذهبية.

إن هيئة كبار العلماء الموقرة مثل رائع للانضباط والمنهجية، منظومة محترمة تنقح الآراء وتقرب وجهات النظر وتلم شمل المسلمين؛ رائعة حقا هي عندما تصدر فتوى ما بعد تمحيص واجتماع رأي من عدد من الأعضاء الموقرين؛ فلماذا لا يترك الأمر لها فهي جديرة متخصصة، وإن كان لا بد فما أجدر أن يخضع هؤلاء الدعاة والمحدثون لدورات مكثفة ممنهجة صارمة أيضا، تحت إشراف هذه الهيئة الموقرة لتقويمهم والحفاظ على سمعة ديننا عالميا.. وما أجمل أن تقنن الدعوة إلى الله بمنظومة تبعث في عقول أفرادها العلم الصحيح والخلق السوي، ولا يكون كل من أراد الحديث تحدث على مسامع الآلاف من البشر الذين بينهم الجاهل والسفيه! وما أحكم ربك عندما قال (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة)؛ لعل بعضهم سيشبه موقفنا بموقف مارتن لوثر فله ذلك ما دام هدفنا تفعيل وإنشاء جهات مسؤولة مختصة ومنهج واضح لئلا يأتينا طائر لقلق آخر أو حجر عجيب!!