إنها فترة اختبارات، وأبناؤنا الطلبة بحاجة إلى كل ما نستطيع أن نقدمه لهم من نصائح ودعم معلوماتي ومعنوي، في هذه الفترة بالذات لا يريدون أن نحدثهم عن تجارب اليابان أو حقوق المرأة أو التنمر أو حتى أحداث بلاد «الواق الواق»، كل ما يحتاجونه الآن هو يد تمتد لتشعرهم بأنهم قادرون وبأن ما يمرون به أمر طبيعي يحتاج من المرء أن يفهمه ليستطيع أن يتعامل معه، وهذا ما يسمى «رهبة الاختبارات» وما ينتج عنها من قلق قد يتفاقم لدرجة أن يؤثر على الأداء وبالتالي على الدرجات النهائية.
عزيزتي الطالبة عزيزي الطالب قد يحدث أنك قمت بالدراسة والتحضير حتى أنك حرصت على أخذ قسط كاف من النوم في الليلة السابقة، وتناول الإفطار في صباح الاختبار، ولكن ما إن تستلم ورقة الأسئلة حتى تكتشف أنك لا يمكن أن تتذكر الكثير من المعلومات؛ فجأة تحول ذاك الضجيج الذي في دماغك إلى صمت رهيب! لقد بدأت جيدا ومررت على معظم الأسئلة بسلام، ولكن فجأة تتوقف أمام بعض النقاط لتجد أنه بالرغم من أنها تبدو مألوفة حتى أنك تشعر بأن الإجابة على طرف لسانك، لكنك لا تستطيع أن تتذكر التفاصيل لدرجة أن تتأكد من الاختيار الصحيح، وكلما حاولت إعادة قراءة السؤال كلما وجدت أن التركيز بدأ يضعف! الوقت يمر وبدأ البعض بتسليم أوراقهم، فتبدأ بالتعرق وتشعر بصداع يتسلل إلى رأسك مع صعوبة في التنفس! تعرف أنك ذاكرت جيدا لكن الآن على ما يبدو أنك لا تستطيع استرجاع المطلوب! الذي حدث أنه كلما زاد القلق تنخفض قدرة الدماغ على استرجاع أو حتى القيام بعمليات التفكير اللازمة لحل الأسئلة! والذي يقهر فعلا أنك خارج قاعة الاختبار تسترجع كل الإجابات الصحيحة، «أين كانت حينما احتجتها»؟! قد لا تتعرض لحالات القلق الشديدة التي تصل إلى حد الهلع والتجمد، ولكن أي درجة من القلق تؤثر على الأداء، وقد يكلف ذلك نقاطا في الدرجة النهائية للاختبار، لكنك لست الوحيد! هل تعلم أن جميع الطلبة يمرون بهذه التجربة وعلى درجات متفاوتة؟ المهم هنا أن أي درجة من القلق إن لم يتم التعامل معها تؤثر سلبا على الأداء، وعليه فإن معالجة القلق تعتبر استراتيجية هامة للنجاح، إذن السؤال هنا كيف يمكن أن تعالج أو تتصدى لهذا القلق؟ ماذا يمكنك أن تفعل لتهدئة أعصابك لتتمكن من التركيز خلال عملية حل الأسئلة؟
اعلم أنك متى ما حددت أسباب القلق تكون قد قطعت نصف المسافة، فقد تكون شخصا قلقا بطبعك، أو أن القلق ناتج عن عدم التحضير الكافي للمادة، أو أن لك خبرة سلبية مع اختبار سابق تركت أثرا عميقا في نفسيتك، أو ربما أنت من الأشخاص الذين لا يرضون بأقل من العلامة الكاملة، أو أن يكون أي عمل يؤدونه خاليا من الأخطاء، وبالتالي أي درجة أقل من امتياز مرتفع تعتبر فشلا! إن الوقت الأفضل للتعامل مع القلق هو قبل حدوثه؛ لنبدأ مع الأفكار السلبية قبل الاختبار، أحضر ورقة وقلما وسجل على جهة فكرة سلبية وأمامها ضع فكرة إيجابية كمواجهة؛ مثلا أمام «دائما ما أحصل على درجة سيئة في الاختبارات» ضع «لقد تجهزت هذه المرة بشكل أفضل من أي وقت مضى»، وأمام «إذا لم أنجح، فأنا فاشل» ضع «سوف أنجح وإن لم أحصل فسوف أجتهد أكثر لتعويض ذلك»، وأمام «في الاختبارات هنالك أسئلة تعجيزية تعتمد على الخدعة»، ضع «إن الاختبارات صممت لكي تظهر ما أعرف ثم أنني على الأقل أعرف صيغ الأسئلة المختلفة»، وهكذا كلما طرأت فكرة سلبية في رأسك قابلها بواحدة إيجابية واحتفظ بها وارجع إليها دائما، وما يمكنك القيام به أيضا هو أن تتعرف مسبقا على كل ما يخص الاختبار؛ كم عدد الأسئلة، مقالي موضوعي أم النوعان معا، ما هو الزمن المحدد، ما هي الموضوعات التي يغطيها، وما هي أهداف كل وحدة دراسية، هل يوجد اختبار نموذجي والأفضل أن يكون لنفس أستاذ المادة، على ماذا ركز أستاذ المادة، وما هي الأسئلة التي طرحها خلال المحاضرات، ولا تذاكر يوم الاختبار واحرص على ألا تحضر متأخرا أو باكرا جدا وتتحدث إلى الزملاء لأن ذلك سوف يشوش عليك ويزيد من درجة القلق.
والآن إليك بعض الاستراتيجيات التي سوف تساعدك بإذن الله في قاعة الاختبارات؛ ابدأ بنفس عميق واسترخ تماما، ثم استعرض ورقة الأسئلة وبعدها حدد ما سوف تبدأ به من أجل توزيع الوقت، الأفضل أن تبدأ بوضع علامة إلى جانب الأسئلة السهلة، ثم تأكد أنك قرأت جيدا الإرشادات، لا تتسرع ولكن لا تصرف وقتا طويلا على جزء ما وتنسى تقسيم الوقت على بقية الأسئلة، وإن وجدت نفسك فجأة لا تعرف كيف تجيب عن سؤال مقالي وأن المعلومات قد تسربت من دماغك ابدأ بكتابة أي شيء على ورقة جانبية أو على ورقة الأسئلة نفسها، المهم أن الحركة سوف تساعدك على أن تستحضر المعلومات شيئا فشيئا، وستجد أن ما تكتبه بدأ يظهر له معنى هنا، راجع وأعد ترتيب المعلومات بترابط منطقي وضعها في المكان المخصص للإجابة، ضع المطلوب فقط بلا زيادة أو نقصان، أما في الجزء الموضوعي أو متعدد الخيارات عادة ما تكون الدرجة على عدد الإجابات الصحيحة وبالتالي الإجابات الخاطئة لا تحسب، هنا حاول أن تحل بسرعة لكن لا تضحي بالدقة، أجب على الأسهل ثم عد إلى الأصعب، وإن انتهى الزمن المحدد قم بالتخمين لا تترك أي بند دون أن تختار إجابة، المهم ألا تشعر بالهلع إن سلم آخرون أوراقهم قبلك، لا يوجد درجات لمن ينتهي أولا، الزمن المحدد للاختبار لك فاستخدمه.
إن شعرت في لحظة ما بأن الضغط زاد عليك وبدأت تشعر بالهلع، ضع قلمك جانبا واسترخ، خذ نفسا عميقا وأغمض عينيك للحظات قليلا، حرك ذراعيك ورأسك ببطء من جهة إلى أخرى، أرسل رسائل إيجابية لنفسك؛ تحدث إليها وطمئنها، تخيل نفسك في مكان آخر يشعرك بالأمان والراحة والاسترخاء، وعندما تعود ضربات قلبك إلى النظام الطبيعي وتتوقف عن التعرق وتجد أنك ارتحت، أمسك بالقلم ثانية وأكمل الكتابة.
سأطلعكم على سر؛ بالنسبة لي كنت أعتبر فترة الاختبارات فترة فراغ بلا حصص؛ نخرج من قاعات الاختبار لنقضي أطول فترات العام باللعب قبل انتهاء دوام اليوم الدراسي والدخول إلى قاعات المذاكرة «Study Hall» للتحضير لليوم التالي، وهذه المشاعر رافقتني حتى في المرحلة الجامعية والدراسات العليا، أتجهز للاختبار نعم ولكن لا أجعل منه «بعبعا» يقلقني، وكنت حين أنتهي قبل الزميلات اللائي كن يكتبن صفحات وصفحات ثم يخرجن عند انتهاء الزمن المحدد إن لم يطالبن بوقت وورق إضافي، يسألنني: «ماذا وضعت على ورقة الإجابة»؟ ابتسم وأجيبهن: «الزبدة»! ثم أذهب لأكافئ نفسي بأي شيء يسعدني قبل التحضير لليوم الثاني. تمنياتي للجميع بالتوفيق والنجاح وكل عام دراسي وأنتم بخير.