يعود تاريخ العمل التطوعي الحديث إلى القرن الـ19 عندما تأسست جمعيات تطوعية في الولايات المتحدة الأميركية على أساس ديني، ولكن سرعان ما تحولت إلى عمل مؤسساتي ليشمل كافة الجوانب الاجتماعية.

وفي مجتمعنا السعودي نعول كثيرا على المسجد والحي والمدرسة والمجموعات المجتمعية والجمعيات التطوعية في بناء مجتمع قوي وفاعل.

ولعل من أهم أهداف العمل التطوعي هو إيجاد روح إنسانية باذلة دون مقابل لهذا العطاء،

والمساهمة في تخفيف العبء الحكومي، وتحقيق التعاون بين فئات المجتمع، والحد من السلوك المنحرف، لاسيما لدى الشباب الذي لا يوجد لديهم عمل.

ويعد العمل التطوعي أحد أهم المعالم الحضارية لأي مجتمع. بل إن معيار حيوية المجتمع يقاس برقي الأفراد والمؤسسات في مجال العمل التطوعي.

لقد كان مفهوم العمل التطوعي يشوبه بعض الغموض، وكان هناك تقاطع بين مفهوم العمل الخيري والعمل التطوعي. ورغم اتساع العمل الخيري والجمعيات الخيرية بالمملكة العربية السعودية، فإن عدد الجمعيات التطوعية ما زال ضئيلا ويعكس ضعف الثقافة والمفهوم التطوعي، والحاجة إلى ترسيخ مفهوم العمل التطوعي من خلال المدارس والجامعات كمنهج تعليمي وكأحد معايير المجتمعات المتحضرة وكركيزة أساسية في استراتيجيات التنمية.

ولعلنا نشعر بشيء من الاعتزاز ونحن نرى بوادر العمل التطوعي في منطقة جازان، من خلال إنشاء لجان وجمعيات تطوعية معترف بها، والذي انعكس بدوره على حالة شباب المنطقة في تبنيهم العمل الإنساني المتصل بأعلى درجات الخير والإيثار والعطاء.

لقد شهدت الأشهر الماضية حراكا تطوعيا في منطقة جازان وتصدرت المشهد لجنة التنمية الاجتماعية بمحافظة أبي عريش من خلال تبنيها مناشط تطوعية، وفرق شبابية ونسائية تجاوز عدد المتطوعين فيها 600 متطوع ومتطوعة، وتنوعت تلك المبادرات التطوعية ما بين الاجتماعي والثقافي والصحي. ولعل أهم ما يميز ذلك الحراك التطوعي هو وجود أربعة مراكز للفتاة تهتم بجانب المرأة.

إذن، نحتاج أن تكون مجتمعاتنا أكثر جرأة في طرح ثقافة العمل التطوعي وإظهار محاسن التطوع واستثمار الكفاءات المغمورة وإبرازها من خلال منظومة التطوع، وأن العمل التطوعي هو أحد مجالات التنمية بمفهومها الشامل.