بعض القرارات توحي إليك أنها صدرت من أحد مقاهي الشانزليزيه.. كأن مقترحها وكاتبها وموقّعها يتناولون الموكا الساخنة في الفوكيت!

هاكم هذا القرار:" وزارة الصحة تنفي السماح للمواطنين بتملك المستوصفات والصيدليات"!

مغزى القرار هو اقتصار هذه الأنشطة على الممتهنين والعاملين في الطب وحدهم.. يبدو أن الوزارة تظن أن سكان المملكة كلهم متواجدون في الرياض وجدة والدمام.. وبالتالي ليس ثمة مشكلة ستواجه الناس في هذا المضمار.. الأطباء في هذه المدن سيبادرون إلى الاستثمار في هذه المجالات..! إنه زمن العجائب.. هل غاب عنها أن سكان المملكة يتوزعون في ثلاث عشرة منطقة إدارية؟ هل فكّر صاحب هذا القرار العجيب في حالة الناس الساكنين في المناطق البعيدة..!

أم أن الوزارة ستلزم أطباءها بالاستثمار هناك؟

حسناً: لنفترض جدلا أنه لم يتقدم طبيب واحد برغبته الاستثمار في مدن الشريط الحدودي البعيد.. ماذا يفعل الناس هناك؟

هل يذهبون لتسول الأطباء المتواجدين في المدن الكبيرة.." الله يخليكم الوزارة منعتنا من افتتاح مستوصفات.. تعالوا وافتحوا عندنا"؟! ومن هو الطبيب ذو العقلية الاستثمارية الذي سيفتتح مشروعا يكلف عليه الملايين ويضعه في مناطق بعيدة ويعيش سكانها على رواتب الحكومة ومخصصات الضمان الاجتماعي؟! وأي أرباح تلك التي سيحصدها؟!

منطق عجيب وقرارات غريبة.. الوزارة غير قادرة على تأمين خدمة صحية متميزة للناس هناك.. وترفض السماح للسكان بالاستثمار وخدمة مناطقهم واستقدام أفضل الخبرات التقنية والبشرية؟

الخلاصة: القرارات التي تعنى بحياة الناس وتتماس بشكل مباشر مع صحتهم يجب أن تتم دراستها بتأنٍ وهدوء وبعد نظر.. يفترض على الوزارة أن تفتح المجال لكل من أراد الاستثمار.. وليكن ذلك بشروط الوزارة نفسها وتحت رعايتها وإشرافها المباشر ومتابعتها الدائمة.. نريد أن نفهم: كيف تتقاعس الوزارة عن خدمة الناس صحيا، وتمنعهم في نفس الوقت من الاستثمار في المجال الصحي؛ لأنهم ليسوا أطباء؟!