يجب أن نعترف بالقول إن هناك قصورا في وسائل السلامة والحماية الكافية في مدارسنا، أو لنقل في أغلبها، وكم من حادثة حصلت وكانت حصيلتها مؤلمة بدءا من الحريق الشهير بمدرسة مكة للبنات إلى عهدنا الحالي، آخذين في الاعتبار أن هناك حوادث لا تظهر إلى السطح، إما لطمس معالمها وعدم وضوحها، أو لقلة حيلة الأهل في كشف ما يتعرض له أبناؤهم في هذه المدارس من مخاطر.
هناك من يعزو كل شيء للقضاء والقدر، ونحن لا نعترض لكن الأخذ بالأسباب توجيه ديني، ونحن نهمل الأسباب إن لم نتعمد تجاهل وجودها، بل قد نرى الطلاب أو الطالبات على مقربة من ذلك الخطر ولا نسارع لمعالجته أو إبعادهم عنه كأخف الحلول، خصوصا هناك شواهد توضح تلك الخطورة، سواء في تصميم المباني أو وسائل السلامة المتوافرة فيه، ورغم وضوح ذلك إلا أنه لا أحد يأبه للأمر، ولا يستشعر حس المسؤولية تجاه الطلاب، خاصة صغار السن، وكيف أن أحدهم قد يعرض نفسه للأذى دون وعي أو إدراك إن لم يكن هناك موجه ومتابع لحركته، وحقيقة أن شكاوى الأهالي في هذا الجانب كثيرة لأنهم يشاهدون نتائجها على أبنائهم وبناتهم. وكم من طالب أو طالبة يعودان إلى المنزل وهما يعانيان إصابة، وعند التوجه للمدرسة لتقصي الأسباب يعود محملا باللوم أن ابنه مشاغب، أو أن الطاقم التعليمي والإداري كان مشغولا بوضع الخطط والبرامج التربوية الخارقة للعادة، وأن هذا الأمر شغلهم عن متابعة الطلاب. وهذا الوضع اشتكت منه أمهات وهن يؤكدن أنهن وفي أثناء زياراتهن للمدارس يلاحظن تجمع المعلمات في غرفهن يتبادلن رسائل الواتساب ويرتشفن القهوة، بينما الفناء الخارجي والداخلي في المدرسة يعج بحركة، وصراخ، وقفز من فوق سلالم الدرج، وطاولات الفصول، خاصة في أوقات الفسحة، وعند الانصراف في آخر اليوم الدراسي، وإن أبدين ملاحظة يقابلن بهجوم قوي وأنهن لم يحسنّ تربية بناتهن، وأن المعلمة ليست مسؤولة عن مطاردتهن في الساحات، لتتراجع الأم مبتلعة لسانها الذي تخشى عواقب نطقه على ابنتها التي لا شك ستعاقب على فعل والدتها.
ما نتساءل حوله وعنه هو لجان الأمن والسلامة التي يقال إنها مفعّلة في المدارس، أين هي من كل ذلك؟ أم أنها لسد الخانة فقط، ووجودها شكلي لملء نماذج وهمية، هي ذاتها تفتقر إلى فضيلتي الصدق والأمانة.