توقع أشهر المتخصصين الباحثين السعوديين في علوم الإنسان (Anthropology) الدكتور سعد الصويان، صعوبة تأسيس أقسام علمية للفلكلور الشعبي في الأكاديميات السعودية قريبا، مرجعا ذلك إلى ما سماه «محاذير فكرية» (أيديولوجيا) وتغلغلها –حسب تعبيره– داخل الجامعات السعودية، موضحا لـ«الوطن»، أنها ستقاوم أي إجراء من هذا القبيل، ليبقى الموضوع معلقا، حتى مع تنامي تصريحات ومعلومات لتدريس الموسيقى، وإنشاء معاهد فنية لها وللفنون المسرحية قريبا، تماهيا مع متغيرات الواقع والرؤى المستقبلية المطروحة حاليا.

 


الخطوة الأولى

قال الدكتور الصويان إن الفلكلور كعلم يحظى بحضور قوي ووجود أقسام مستقلة له في بعض الجامعات الغربية، مثل جامعة إنديانا في الولايات المتحدة الأميركية، كما أن بعض الجامعات تدرسه كمادة في الأدب والإنثروبولوجيا. أما عربيا فلا يوجد اهتمام أكاديمي به إلا في بعض الجامعات المصرية، وكان العراق في فترة من الفترات يهتم به كعلم وبشكل محدود. أما في دول شمال إفريقيا فيبدو أن هناك تخوفا من الأقليات «الأمازيغ» يقف حجر عثرة أمام هذا النوع من الدراسات الأكاديمية. يرى الدكتور الصويان أن الخطوة الأولى والأهم في إقرار مثل هذه الدراسات هي الاقتناع بأهميتها، ثم التعامل معها تعاملا أكاديميا جادا وتوظيف المنهجيات العلمية في معالجتها وألا يترك التعاطي معها للهواة والمبتدئين.


تكييف الأدوات محليا

يضيف الدكتور الصويان في حديثه لـ«الوطن»: «لابد للأجهزة الأكاديمية ومراكز البحوث أن تصحح نظرتها نحو موضوع الثقافات التقليدية والآداب الشفهية، وأن تستبدل نظرتها الدونية لها بنظرة احترام وتقدير وتدمجها في هيكلية مناهجها الدراسية كمواضيع شرعية كاملة العضوية، وأن تستفيد من الجهود العلمية العالمية في هذا المجال، خصوصا فيما يتعلق بالأسس المنهجية والأطر النظرية. فنحن مثلا لا نجد في جامعاتنا أي أثر للتخصص في مجالات الدراسات الفلكلورية والأنثروبولوجية، علما بأنها من التخصصات المحترمة جدا في الجامعات العالمية ذات الشأن. ويتابع الصويان الذي أنجز مشاريع بحثية رائدة في هذا الاتجاه: »هناك ذخيرة معتبرة من الأطر النظرية والأدوات المنهجية للتعامل مع مواد الثقافة التقليدية والأدب الشعبي والتاريخ الشفهي، مثلا المنهج التاريخي الذي يتتبع مراحل تطور الظاهرة الإنسانية وظيفيا ولغويا وفنيا عبر العصور في نفس الرقعة الجغرافية، والمنهج المقارن الذي يقارن بين مختلف تجليات الظاهرة نفسها في مجتمعات مختلفة. وهناك أقسام علمية مكرسة للتعامل مع هذه المواضيع في جامعات العالم المتحضر. يمكننا الاستفادة من هذه الأدوات وتكييفها بما يتماشى مع واقعنا المحلي«.