هاميش دو بريتون غوردن
الرئيس الروسي بوتين ادّعى إمكانية أن يطلق آلية لوقف إطلاق النار، من خلال إنشاء مناطق حظر جوي فوق سورية، إلا أن المناطق الآمنة ستتطلب دعماً وموافقة كاملين من الأمم المتحدة والأميركيين والبريطانيين والروس والأتراك والإيرانيين لفترة طويلة.
بوتين أعلن عن تمكنه من الحصول على اتفاق واسع النطاق لإنشاء مناطق إنسانيّة آمنة في سورية بعد محادثات مع ترمب، وتركيا وإيران، حيث يوجد احتمال للحاجة إلى قوّات أمميّة إلى جانب القوات الأميركية والروسية والإيرانية والتركيّة لحماية هذه المناطق برّاً. وعلى الرغم من كون الموافقة على سلوك بوتين «غير مستساغة»، بعد 6 سنوات من الحرب الأهلية وأكثر من نصف مليون قتيل، والعديد من الهجمات الكيماويّة، إلّا أنه إذا استطاع هو والرئيس ترمب تمكين مسار جنيف لإنتاج حل ديمقراطي، فإني مستعد لإعطائه فرصة وتقديم الدعم والجهد،
كما يجب على تيريزا ماي أن تؤدي دوراً ريادياً على الصعيدين الديبلوماسي والعسكري لمساعدة هذه الدولة المدمّرة.
أنا أدعم هذه المناطق الآمنة، لأنّ مبدأها يعترف بكون الغالبية العظمى من السوريين تريد أن تبقى في بلادها أو أن تعود إليها إذا كانت «متحرّرة من الاستبداد والإرهاب، في وقت تبدو روسيا غاضبة بعد الضربات الأميركية
«التي دعمتُها بشدّة»، لكن بوتين يجب أن يفضل السلام في سورية بنفس المقدار الذي يريده أي أحد، إلى جانب
أنه يطالب برفع العقوبات عن بلاده في مقابل تسليمه خطة السلام الأساسية تلك.
بوتين يريد أربع مناطق آمنة رئيسية في محافظة إدلب وضواحي حمص الشمالية والغوطة الشرقية وجنوب سورية، لكن تمّ تدمير هذه الأماكن بواسطة براميل النظام المتفجرة والغارات الروسية الجوية والهجمات الكيميائية واستهداف المستشفيات، فعن أي نوع من السلام سيكون مرحّباً به هناك.
أكثر منطقة أعرفها هي محافظة إدلب في شمال سورية والتي ما زالت تعاني من الهجوم الكيميائي الأخير على
خان شيخون. هنالك أكثر من 500 ألف لاجئ يعيشون في المخيمات ويعيشون في فقر ويأس مدقعين.
إنّ الأمن هو عنصر أساسي في هكذا مناطق. لذلك على الطيران السوري أن يُمنع من التحليق ويجب أن يكون هذا من ضمن عرض بوتين، ويمكن دعم الأمن هناك من خلال سفن بحريّة في شرق المتوسط تحمل رادارات وصواريخ. وأتوقع أنه سيكون علينا قبول قوات روسية وإيرانية على الأرض لتأمين الأمن.
وبما أنّها أصلاً موجودة في المكان، يمكنها أن تسرّع السلام. لكن مع ذلك، لضمان السيطرة والحكم، يجب أن يحصل هذا تحت راية الأمم المتحدة، مع قواعد الأمم المتحدة للاشتباك وأسلوب العمل.
وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون كان قد اقترح إمكانية أن تؤدي القوات البريطانية هذا الدور، وأنا أفضّل أن تكون معظم القوات غربية هناك لأنها ستكون قادرة على تقديم المساعدات وإعادة الإعمار من ضمن مسار إيجابي يمكن أن يهيّئ الظروف الإيجابية لمفاوضات جنيف.
لا أحد متوهّماً بمقدار التحديات التي تلوح في الأفق. فالمناطق الآمنة ستتطلب دعماً وموافقة كاملين من الأمم المتحدة والأميركيين والبريطانيين والروس والأتراك والإيرانيين لفترة طويلة. وآمل في أن يكون للأميركيين نفوذهم الأكبر في هذا الموضوع. وسيتطلب الأمر موارد كبيرة أيضاً لكن أقل من تلك المخصصة في إيواء بين 5 إلى 12 مليون سوري في أمكنة أخرى.
إن دعم مبادرة روسيا أمر مقيت خصوصاً بعد قصف طائراتها العديد من المستشفيات المنخرطة في اتحاد منظمات الرعاية والإغاثة الصحية وقتلها الكثير من الزملاء. لكنّي سأقبل بتلك المبادرة لأنّه لطالما صرخت من أجل إقامة مناطق آمنة منذ سفري الأول إلى سورية سنة 2013، وسأظل أفعل ذلك لصالح هذه الدولة. وسأستمرّ أيضاً مع آخرين كثيرين، في جمع الدليل، لكي أواجه أولئك المذنبين بارتكاب الأعمال الوحشية في البلاد، يوماً ما، في محكمة الجنايات الدولية.
مدير منظمة «أطباء تحت النار» صحيفة غارديان البريطانية