لا أتذكر تحديدا ما الذي كنت أقوم به، حينما وصلت الأخبار العاجلة عن القبض على عدد من المطلوبين الإرهابيين، هل كنت أستعد للنوم؟ أم كنت أرتدي حذائي لأتريض قليلا في الطقس الذي بدا يميل إلى الحرارة؟ في كل الأحوال أذكر أني ظللت صامتة لأكثر من 15 دقيقة، أفكر جديا بالوطن وبالقصص التي تتوالى عليه من دون انقطاع، إرهاب من الداخل وإرهاب أيضا من الخارج، أبناء وطن واحد يقتلون رجال الأمن، بل وبدافع حقدهم، قاموا بالتنكيل في جثثهم، مستشعرين بوهم الانتصار المزيف وبرجولة ناقصة، وغراما في النهب والسلب والقتل، وكأنهم أقرب إلى قطاع طرق من أن يكونوا مواطنين أجلاء لوطنهم، ولكن للأسف «شاهت الوجوه».
لم أقم بأي تصرف حينها، لقد شعرت بالخوف على الوطن، وما أبشع من أن تخاف على الوطن من أبنائه، التحريض الذي لا يتوقف في منطقة القطيف وتحديدا في العوامية، لا بد أن يكون هناك علاج حازم وصارم، ويفترض عدم التراخي مع قطاع الطرق الذين يتعاملون مع رجال الأمن وكأنهم مجرد ألعاب في «بلاي ستيشن»، من يستطيع اقتناص عدد أكبر من الجنود، ليربح الجائزة في آخر المطاف، إنها بالضبط خطة إيرانية محكمة الصنع، لنشر الفساد والخوف والروع بين المواطنين، من خلال رفع السلاح أمام الأجهزة الأمنية، والدليل أن ما يحدث في القطيف يحدث تماما في مملكة البحرين، حيث تتولى بعض العصابات الموالية لإيران قتل رجال الأمن في عدد من مناطق البحرين، وحينما تم القبض على بعضهم وتمت إدانة المجرمين بالإعدام، ظهرت أسرهم تبكي و«تولول» بأن العابثين في الوطن والمجرمين من القتلة مجرد مراهقين طائشين، لا يملكون عقلا وإدراكا لأفعالهم، ولهذا السبب على الدولة ألا تقتص من أفعالهم وجرائمهم، بل عليها أن تترك لهم الوطن بكل تفاصيله لكي يستمروا في العبث فيه وقتل رجال الأمن وترويع المواطنين، لقد كانت مبررات أسر القتلة فاجعة، مبكية، ومخزية، تتسلى الأسر في الضحك على ذقون الناس، حينما تنوح وتبكي مطالبة بفرص أخرى لأبنائهم لكونهم مجرد مراهقين، بعد أن قاموا بكل جرأة وبذاءة بإعدامات لعدد من رجال الأمن، يا للخزي يا إخوتنا الشيعة، يا للعار الذي سيلحق بكم حتى نهاية حياتكم.
وعلى النقيض من ذلك تقوم عدد من الأسر السعودية، بمجرد أن يتناهى إلى مسامعها القبض على أبنائها المنضمين إلى خلايا داعش، بالتبرؤ على الفور من أفعالهم، بل وتشد على يد الحكومة وتطالب بمحاكمتهم والتعزير بهم، وهما أولادهم فلذة أكبادهم، ولكننا جميعا كمواطنين سعوديين حينما لا نملك أن نضع القيد على يد أبنائنا الجهلة الإرهابيين، نترك الأمر برمته إلى ولاة الأمر وإلى رجال الحكومة، مؤمنين تماما بقدسية ما جاء في القرآن الكريم، وتحريمه لقتل النفس والجناية عليها، الأمر لا يحتاج إلى محاباة ولا إلى تدليس، الشريعة واضحة ولم تكن يوما مشوشة بما يتعلق بحفظ دم البشر، سواء أكانوا مسلمين أم على ديانة أخرى.
المملكة تواجه عقولا متطرفة، إما من الذين تغسل أدمغتهم بشأن الخلافة الإسلامية، وإما من بعض إخوتنا الشيعة الذين يقومون بين حين وآخر بشن هجمات على رجال الأمن، ولم يعد هذا الأمر يروق لهم، فبدؤوا في البحث عن طرق أكثر ترويعا، حيث لم يكتفوا فقط بقتل رجال الداخلية، بل وأيضا التنكيل بجثثهم، وهذا ما حدث للشهيد -بإذن الله- رجل الأمن هشام الزهراني الذي تم اختطافه من قبل مسلحين شيعة، وهو أشبه بما يحدث أيضا في العراق من قبل بعض الشيعة الذين يقومون باختطاف عدد من العناصر الدينية السنية، ولا يكتفون بالقتل فقط وإنما يتم التنكيل في القتيل بأبشع ما يمكن لكم تصوره أو تخيله.
هذه الفوضى التي يمر بها الوطن، بالتأكيد لم تجعلنا في خوف أو رهبة مما يحدث في القطيف أو العوامية، ولكن مثل هذه الأحداث تجعلنا نفكر في حقيقة ما يحدث في داخل العقل الشيعي، والبحث عن الأسباب التي تدفع مراهقين وشبابا بالعراك مع دولة كبيرة، أظن أن أحلام الشباب من الشيعة الذين يظهرون دائما بمظهر المظلومية والضعف والانكسار، في ظنونهم اللاواقعية أنهم يملكون القدرة على السيطرة، والتحكم بمصير دولة عظيمة ورائدة كالسعودية على سبيل المثال، وهذه أحلام رواد مقاهي الحشيش والسكر أو المتعاطين لأنواع مختلفة من المخدرات، حينما تكون أقلية في وطن أغلبه من السُنة، كيف عليك أن تواجهه؟ وما هي إمكاناتك التي ستقف بها أمام وطنك؟ وليس لأنك أقلية يعني ذلك أنك لا بد أن تكون مضطهدا، ولو أننا صدقنا مثل هذه الأوهام، ترى ما الذي يجعلك مضطهدا؟ وما الذي يجعلك تشعر بأن لك السلطة في القتل والرجم؟ وفي مقابل هذه الممارسات الفجة والبشعة، المضحك في الأمر أنك لا تريد أن يقبض عليك أو أن تتم محاكمتك بحكم أنك من الأقلية؟ أي جنون يعيشه البعض من البشر!