قال وزير المالية محمد الجدعان، إنه من المرجح أن تلجأ الحكومة السعودية لأسواق السندات الدولية والمحلية مجددا هذا العام، وذلك بناء على الطلب على إصداراتها من أدوات الدين والتسعير الذي تحصل عليه.
وكشف الجدعان خلال افتتاحه الدورة الـ12 لمؤتمر «يوروموني السعودية 2017»، والمعرض المصاحب في الرياض أمس، إنه سيجري تمويل عجز الميزانية من ثلاثة موارد، هي أدوات الدين الدولية والمحلية والسحب من الاحتياطيات المالية لدى الحكومة، وسيكون استخدام الاحتياطيات هو الملاذ الأخير.
وأصدرت السعودية باكورة سنداتها السيادية الدولية وقيمتها 17.5 مليار دولار (65.625 مليار ريال) في العام الماضي وطرحت صكوكا بتسعة مليارات دولار في الشهر الماضي. وجمدت المملكة إصدارات السندات المحلية الشهرية أواخر العام الماضي لتخفيف الضغط على السيولة في النظام المصرفي.
مشيرا إلى أن الحكومة السعودية تتجه لخفض العجز في موازنتها إلى نحو 200 مليار ريال هذا العام، وهو العجز المتوقع في الخطة الأصلية لموازنة 2017، من 297 مليار ريال في العام الماضي. وأضاف: «أن الحكومة تعمل منذ بداية العام على سداد أكثر من 90 % من مدفوعات القطاع الخاص خلال 30 يوما». وأكد الجدعان أن السعودية مستعدة لتطبيق ضريبة القيمة المضافة في بداية 2018، مضيفا أن الرياض تنتظر تأكيد الدول الأخرى الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي على تطبيق الضريبة.
احتياطي العملة
كشف الجدعان عن أن الاقتصاد السعودي والناتج المحلي الإجمالي على مدى السنوات الـ10 الماضية يمثل 50 % من اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي، وأن احتياطيات المملكة تشكل ثالث أكبر احتياطي للعملة في العالم، معتبراً أن مستوى الدين العام بالمملكة يعد الأقل من بين دول مجموعة العشرين، وهذا من شأنه أن يُسهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي، والحد من الآثار السلبية الناتجة من انخفاض أسعار النفط، وأن السياسات النقدية التي تتبعها المملكة ساهمت في تعزيز الاستقرار النقدي والمالي، متوقعاً عدم تأثر ميزانية الدولة مع عودة البدلات والمكافآت لموظفي الدولة.
إدارة الدين العام
قال الجدعان إنه تم إنشاء وحدة مختصة بالسياسات المالية الاقتصادية بالوزارة، تهدف إلى حوكمة سياسات الوزارة، والتوقعات الاقتصادية للاستعداد للميزانية، وإنشاء مكتب للدين العام يُعنى بإدارة الدين العام للمملكة. وأضاف: «حقق مكتب الدين العام اهتماماً كبيراً من قبل المستثمرين لأول إصدار دولي في برنامج الصكوك السعودية الدولية، حيث تجاوز المجموع الكلي لطلبات الاكتتاب لهذه الصكوك مبلغاً قدره 33 مليار دولار، أي ما يعادل 123,75 مليار ريال، وكان الحجم الإجمالي للإصدارات 9 مليارات دولار ما يعادل 33,75 مليار ريال. ما يؤكد الثقة في اقتصادنا ومساره المستقبلي».
الإصلاحات الاقتصادية
حول الإصلاحات الاقتصادية التي قامت بها حكومة المملكة، أوضح الجدعان أنه تم إجراء إصلاحات مالية واقتصادية هيكلية للتنويع الاقتصادي، مع التركيز على رفع كفاءة الإنفاق الرأسمالي والتشغيلي، فضلاً عن قيام الحكومة بوضع برنامج وطني باسم»حساب المواطن«يهدف للحد من الآثار المحتملة جراء تطبيق تلك الإصلاحات الاقتصادية على تكاليف المعيشة والقوة الشرائية، خصوصاً للأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط.
وأشار إلى أن الحكومة تبنت أكثر من 150 مبادرة لرفع كفاءة الإنفاق التشغيلي والرأسمالي في جهات حكومية مختلفة. وأن البرامج الـ10 التي أعلنتها الحكومة استكمالاً لبرنامجي التحول الوطني والتوازن المالي، موضحاً في الوقت ذاته أن السياسات المالية بالمملكة تركز على تنويع مصادر تمويل المالية العامة، وتحقيق أعلى مستويات الشفافية وأفضل الممارسات في إعداد وتنفيذ الميزانية، مع مراعاة الآثار الاقتصادية المحتملة جراء ضبط أوضاع المالية العامة، لاسيما على مستوى التوظيف ومعدل التضخم ونمو الأنشطة الاقتصادية محليا، ولذلك فقد رصدت الحكومة ضمن ميزانية هذا العام إنفاقا يزيد عن 40 مليار ريال للإنفاق على مبادرات التحول الوطني، كما رصدت حوالي 220 مليار ريال إضافية للإنفاق على مبادرات التحول الوطني خلال السنوات الثلاث المقبلة.
مشاركة القطاع الخاص
كشف وزير المالية أنه بحلول نهاية الربع الثاني سيتم الإعلان عن نتائج ورش العمل مع ممثلين عن القطاع، وأنه سيتم تحديد حزمة تحفيزية بـ200 مليار ريـال على مدى أربع سنوات، تبدأ هذا العام لأجل مشاركة القطاع الخاص في تقرير المبادرات المناسبة لحزم التحفيز.
وأوضح الجدعان أن السياسات الحكومية تُركز على إصدار التشريعات الهادفة إلى تعزيز نمو القطاع الخاص، ودعم تنمية المحتوى الوطني، وتوفير المزيد من الفرص الاستثمارية لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، ورفع كفاءة سوق العمل وزيادة الوظائف.
كما أكد أن الدولة ممثلةً بوزارة المالية تولي اهتماماً خاصاً في مشروع توحيد وتسهيل إجراءات المنافسات والمشتريات الحكومية عبر بوابة إلكترونية متكاملة وهي بوابة «منافسات»؛ لتكون نموذجاً وطنياً وفق أفضل الممارسات العالمية يحقق الريادة والتنافسية عبر دعم مبدأ الشفافية بين الجهات الحكومية والموردين.
مُؤكدا أن الوزارة تُسدد مستحقات القطاع الخاص بمدة لا تجاوز 60 يوماً من وصول أوامر الدفع للوزارة، مستكملة الإجراءات من الجهة المستفيدة. مُبيناً أن 90 % من المدفوعات تتم الآن في غضون 30 يوماً.
وأوضح، أنه خلال أيام ستعلن الوزارة تقرير الربع الأول للميزانية العامة للدولة لهذه السنة، مُبيناً أن الوزارة في طور إعداد تفاصيل الميزانية للعام المقبل وفقاً للسقوف المعتمدة لجميع الجهات المعنية منذ بداية السنة المالية الحالية.
وسعياً لتطوير إطار متكامل للميزانية العامة وتعزيز مستوى الشفافية والمراقبة المالية؛ أفاد وزير المالية بأن الوزارة تقوم بالتنسيق مع الوزارات والأجهزة الحكومية المختلفة لجمع المعلومات عن الظروف الحالية للاقتصاد الكلي.