الاختبارات النهائية على الأبواب، وما يحدث عادة حالة فزع وترقب، الخوف الأكبر أو الكابوس الذي يؤرق فكر الكثيرين هو دخول قاعة الاختبار وفجأة يتبخر كل ما قد تم دراسته! عزيزتي الطالبة عزيزي الطالب لا تخف فالجميع يواجه أوقاتا يجدون فيها صعوبة في تذكر ما يحتاجون إليه، في الواقع لا يمكننا القول بأن هنالك «ذاكرة سيئة أو ضعيفة»، لأنها شيء يمكن تعزيزه من خلال الممارسة والتدريب، وبالتالي مع بعض الحيل والنصائح يمكنك تحسين الذاكرة الخاصة بك مما يجعل الأمر أسهل بكثير عليك لتذكر أي شيء، سواء كان ذلك حفظا لاختبار، أو قائمة للشراء من أي متجر.
اليوم سوف أقدم شرحا بسيطا وسريعا لبعض تقنيات المساندة للتذكر كي تساعدك على التغلب على هذا الخوف وتمكنك من تذكر ما تعلمته أو قمت بمذاكرته للاختبار، إن اتبعتها وتدربت عليها سوف تفاجأ عندما تلامس وعن تجربة كم كان الأمر سهلا خاصة فيما يتعلق بالمفاهيم الصعبة والتواريخ المتعددة، نحن لا نعيد هنا إعادة اختراع العجلة فهذه التقنيات والتي تدعى «Mnemonic Devices» تعود إلى القرن الخامس قبل الميلاد وربما أبعد من ذلك، فلقد استخدمها أجدادنا القدماء وحتى الإغريق ومن بعدهم الرومان، في الوقت الذي كانت الكلمة المطبوعة نادرة، ومن ثم كان التذكر أمرا هاما في جميع أوجه الحياة حينها.
الحفظ عن طريق التكرار لا يعزز الذاكرة، فقط ما يسمى الذاكرة القريبة المدى، بمعنى دون معنى وربط خاصة مع الحواس الأخرى، مع الأيام يفقد جزءا كبيرا مما حفظ، لهذا يجب أن نتعلم كيف نحفظ المعلومات في الذاكرة بعيدة المدى حتى نتمكن من استرجاعها واستخدامها متى ما شئنا خاصة في تعلم مفاهيم ومعلومات جديدة، لقد خلق الله سبحانه وتعالى لدينا ذاكرة مذهلة بشكل لا يصدق، كل ما هو علينا القيام به هو تفعيل هذه القدرة من فهم الأجهزة والبرمجيات التي تحركها، ما أعنيه هنا أنه يمكن لأي شخص أن يفعل ذلك؛ الفكرة مجرد أسلوب أو تقنية، سمها ما شئت لكن حاول، قم بالتجربة ثم أحكم بنفسك.
أولا: لنبدأ بالتعليمات الأولية للمذاكرة للاختبار؛ تعامل مع المذاكرة بطريقة إيجابية، لأنك متى ما فكرت بأنها أمر مزعج وحمل ثقيل هذا بالضبط ما ترسله لعقلك من رسائل سلبية تؤثر على اكتسابك المعلومة بل تقف حاجزا في إمكانياتك للتذكر! ضع جدولا للمذاكرة وثابر عليه، وعندما تبدأ لا تشتت انتباهك بتعدد المهام، فالتركيز مهم بالنسبة للذاكرة، تجنب أي شيء ممكن أن يلهيك عن التركيز؛ اقفل جوالك، لا تجلس في مكان فيه ضوضاء مثل التلفاز أو كل ما قد يشد انتباهك ويلهيك عن المذاكرة، وكذلك الأمر بالنسبة للملهيات الداخلية مثل التفكير بأمور أخرى خاصة في حياتك، دعها جانبا ويمكن أن تضع لنفسك دوافع تجعلك تركز أكثر مثل ما ستتحصل عليه في حال نجحت وبدرجات عالية، أو مكافأة نفسك بعد كل جزء تنتهي منه، توقف بعد كل جزء وخذ راحة؛ تمشى في الحي في السوق قم بأي شيء تحبه، احرص على ساعات النوم الكافية فالعقل يعمل حتى وأنت نائم لإعادة ترتيب المعلومات وتجهيزها لك حين تستيقظ، ولا تنسى أن تتناول الطعام الصحي من الخضار والفواكه الطازجة من أجل الطاقة.
ثانيا: اقرأ بصوت عال فهنا أنت تضيف السمع لأدوات المساعدة للذاكرة، حدد المعلومات التي يجب أن تحفظها؛ ابنِ لها خارطة ذهنية أو مفاهيم وهنا تقوم بالتعزيز من خلال الصورة، إن كان لديك مجموعة للمذاكرة قم بشرح ما درسته لهم؛ وهذا تعزيز للفهم فلسوف تتضح الصورة برأسك أكثر، تدرب على إعادة ما درسته بإيجاز بمعنى تلخيص لكل جزء لأن عملية تنظيم المواد بطريقة مرئية يمكن أن تساعد الدماغ على استدعاء المعلومات بطريقة منظمة، ولا تنسى أن تقوم باختبار معلوماتك عن طريق حل اختبار تجريبي ولا تخف من الأخطاء فهنا العامل الأقوى كي تتذكر ما أخطأت به. ثالثا: وهنا نأتي لكيفية تفعيل وتعزيز الذاكرة؛ «Mnemonic Devices» هنالك مجموعة متنوعة مما يمكنك استخدامه، البعض منها يعمل بشكل أفضل بناء على نوع المعلومات التي ترغب في حفظها، ستعرف مع التجربة أي نوع تستخدم، تستطيع أن تستخدم الاختصارات «Acronyms» تأخذ الحرف الأول من كل كلمة عادة ما تكون مفردات أجنبية في المواد العلمية أو اللغة الإنجليزية وتحولها إلى اختصار منطقي وسهل التذكر بالنسبة لك، مثلا لنأخذ ألوان الطيف الاختصار هو «ROY G BIV»، أو يمكنك أن تأخذ كل حرف تبدأ به كلمة ثم تكوِّن جملة وكلما كانت الجملة مضحكة أو غريبة كان أفضل مثال: أسماء الكواكب بالإنجليزية:My Very Educated Mother Served Us Nine Pizzas، أحيانا تعرف المفاهيم لكن تشعر أنها على طرف لسانك فقط لو أنك تتذكر الحرف الأول، وهنا ستجد أن الطرق السابقة مفيدة جدا، وهنالك طريقة القصة فمثلا يمكن أن تأخذ قائمة من الكلمات أو المفاهيم المطلوبة وتركبها بقصة، بحيث تظهر الكلمات حسب الترتيب المطلوب لو كانت تعدادا، ومرة أخرى كلما كانت القصة هزلية وغير واقعية سيتم تذكرها خاصة إن قمت بتخيلها بكل تفاصيلها وأدخلت عدة حواس خلال ذلك، ويمكن أن تضع المعلومة في جمل بقافية ووزن وتدندنها أي تعطي لها نغمة سهلة عليك ترديدها، وأيضا يمكنك أن تستخدم أسلوب الربط بين الكلمة والصورة «Peg Word» وهو أن تربط ذهنيا شيئا تعرفه مع شيء تحاول أن تتذكره، والذي تعرفه سوف يساعدك على تذكر الجزء الثاني، ومرة أخرى كلما كانت الصور مضخمة أو مصغرة بطريقة هزلية كلما كان ذلك أفضل للتذكر، وأخيرا، بالنسبة لقائمتي، هنالك أسلوب «LOCI» وهذا ما كان يستخدمه الإغريق والرومان، أن تتخيل مكانا تعرفه تماما بأدق التفاصيل، وتتخيل أنك تضع كل كلمة من القائمة التي يجب عليك حفظها في أماكن مختلفة في الصورة التي في خيالك، مثلا أن تبدأ بالمنزل من غرفة النوم وتضع كلمة على الأباجورة أو على طرف السرير، ومنها إلى الصالة ثم المطبخ ثم الصالون...الخ حتى تنتهي من قائمتك، المهم هنا أن تضعها بطريقة غريبة وفيها شيء من الحركة، وتحاول أن تتصور المشهد بحذافيره، وفي الاختبار كلما عليك هو العودة إلى غرفة النوم وتبدأ بالتقاط الكلمات وأنت تتنقل من مكان إلى مكان في المنزل.
ما سبق كان شرحا سريعا وبسيطا أرجو أن أكون قد أفدت به أبناءنا الطلبة، ولمن يرغب بالمزيد فليستخدم الباحث على الإنترنت سيجد المزيد والأفضل مما قدمت، ورسالتي الأخيرة لا تتركوا كل شيء لآخر لحظة ولا تستسلموا للإحباط، كل شيء يحتاج لمجهود ولكن بيدك أن تجعله ممتعا أو تجعل منه حجرا جاثما فوق قلبك، الخيار لك! لا تعلق آمالك بدرجة بل استمتع بالرحلة، اجعل من التُعلم والمذاكرة لعبة كلما انتهيت من جزء تكسب، الفرق أنك في اللعب الإلكترونية المكاسب أرقام أو كلمات تحفيزية ولكن في العلم المكسب حياة إبداع وتميز!