تتباين التقديرات حول العدد الحقيقي للمسلمين في روسيا الاتحادية، فتشير إحصائيات الإدارة الدينية لمسلمي القسم الأوروبي من روسيا الاتحادية، إلى أن عدد معتنقي الإسلام في روسيا يصل الآن إلى 20 مليون نسمة، في حين أفادت نتائج مسح أجراه مركز «ليفادا - سنتر» في عام 2013، أن عدد المسلمين يشكّل 7 % من سكان روسيا، فيما أكدت إحصائية أخيرة غير رسمية أن عدد المسلمين وصل إلى 28 مليونا، ما يمثل 14 % من العدد الكلي للسكان. مما يجعل روسيا أكبر بلد إسلامي في أوروبا باستثناء تركيا. ويجعل موسكو أكبر مدينة لجهة عدد المسلمين في أوروبا بعد إسطنبول. حيث يقدّر عدد المسلمين فيها بنحو مليوني مسلم، يوجد لهم فيها أربعة مساجد فقط.

وقد يكون تاريخ الصراعات الطويلة في القرون المنصرمة بين المسلمين والكنيسة الأورثوذوكسية على تقاسم السلطة والنفوذ في المنطقة الأوراسية هو السبب الجوهري للنفور وانعدام الثقة التي لا يزال الروس يشعرون بهما تجاه المسلمين. وهو ما يفسر نوعا ما الاضطهاد الدوري الذي تعرض له المسلمون في العهد السوفياتي الذي شهد قيام دويلة «خوقند» في العام 1918 ودولة «اتشيكريا» (الشيشان) في عام 1996.

وعلى خلفية الصعود المتسارع في نفوذ وتأثير الإسلام السياسي والحركات الجهادية العنفية في الشرق الأوسط وإفريقيا وآسيا، أدرك الكرملين أن ظهور وتبلور وتنامي الحركات الإسلامية في جمهوريات الاتحاد الروسي يمثل خطراً جدياً على الأمن الروسي، وكان أول إرهاصات هذا الخطر ارتفاع منسوب النزعات الانفصالية في الجمهوريات والأقاليم الروسية.

وتفيد مواقع روسية بأن لدى جهاز مكافحة الإرهاب لوائح بأسماء نحو 15 ألفاً من المواطنين الروس المسلمين مشتبه بارتباطهم بجماعات إرهابية، يخضعون لعمليات مراقبة مستمرة واستجوابات دورية. ووفقاً لبيانات صادرة عن الادعاء العام الروسي، فإن 150 من أصل 650 مشتبهاً فيه بالإرهاب أدانتهم المحاكم وحكمت عليهم بالسجن لفترات لإدانتهم بالانتماء إلى جماعة إرهابية بمقتضى قانون صدر العام 2013 يجرم كل من ينتمي إلى جماعة أجنبية مسلحة تشكل خطراً على الأمن القومي الروسي.

ويقدر خبراء روس، ومنهم آليكسي مالاشينكو من مركز كارنيغي، ورومان سيلانتيف من وزارة العدل الروسية، بوجود آلاف المجموعات السلفية في روسيا حالياً، وحيث وصل الإسلام «إلى جميع المناطق الروسية، بما فيها سيبيريا وأقصى شرق البلاد».

ويعتقد باحثون روس أن عدد السلفيين الروس يزيد عن 700 ألف شخص، وبالرغم من أنه ليس معظمهم متشددين، إلا أن «المتعاطفين» مع داعش يقدر عددهم ما بين 200 ألف ونصف مليون من الراديكاليين الروس.

وأفضى إعلان داعش على لسان المتحدث باسم التنظيم أبو محمد قدري، في (يونيو) عام 2015، عن قيام ولاية جديدة باسم «ولاية القوقاز»، إلى إعلان عدد من الحركات الإسلامية في داغستان وأنغوشيا والشيشان واتحاد ولايات كبارديا وبلكاريا وكراشاي الولاء للتنظيم ولزعيمه أبو بكر البغدادي. وتبلورت ظاهرة «الجهاديون القوقازيون» الذين انتشروا في سورية وانقسموا فيها تبعاً لولاءاتهم إلى ثلاثة أقسام. ينضوي أوّلهم تحت راية تنظيم «داعش». وينتظمُ ثانيهم في مجموعات دانت بـ«بيعات» لـ«جبهة النصرة – تنظيم القاعدة في بلاد الشّام»، فيما يتوزّع ثالثهم على مجموعات تدين بالولاء لـ«إمارة القوقاز الإسلاميّة» وهي مجموعات مستقلّة تنظيميّاً. ومن تلك المجموعات: «جيش دابق»؛ «جيش العُسرة»؛ إمارة القوقاز في الشام؛ «جند الخلافة»؛ «كتائب جند الشام»؛ جند القوقاز؛ «حركة شام الإسلام».

وتشير التقديرات إلى أن ما بين 5000 و7000 «جهادي» يتحدثون الروسية بين صفوف داعش، ما يجعل اللغة الروسية ثاني أكثر اللغات انتشاراً بين عناصر التنظيم، بعد العربية. ويلفت لوجود ما يقدر بـ 2400 مقاتل روسي مع داعش.

ونقلت صحيفة «فيدومستي» الروسية أن الأمين العام لمجلس الأمن الروسي الفيدرالي نيكولاي باتروشيف، قال في اجتماع للجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب إنه «بحلول نهاية العام 2014 كان غادر روسيا نحو 2900 شخص للقتال في الشرق الأوسط»، إلا أن وزير الخارجية سيرغي لافروف أشار في تصريح لوكالة «إيتار تاس»، إلى أن عددهم ربما يصل إلى 5 آلاف مقاتل»، وأفاد تقرير صادر عن مركز (The Soufan Group) أن «عدد المقاتلين من دول العالم السوفيتي السابق في داعش حتى العام 2015 وصل إلى 4700 شخص، 2400 منهم روس من القوقاز الشمالي».

وفي السياق نفسه، نشرت وكالة «رويترز» تقريراً بعنوان «كيف سمحت روسيا لمتطرفيها بالانتقال إلى سورية للقتال في صفوف داعش»، لكن روسيا تنفي قيامها بتنظيم وإدارة برنامج لمساعدة الإسلاميين الروس على مغادرة الدولة في أي وقت من الأوقات، وفي رد فعلها على هذه الاتهامات الغربية حمّلت روسيا الدول الغربية مسؤولية تقاطر الإرهابيين إلى سورية والعراق. وقال المتحدث الرئاسي ديميتري بيسكوف، إن «السلطات الروسية لم تتعاون أو تتعاطى على الإطلاق مع الإرهابيين»، وذكّر بيان للخارجية الروسية أن «القضاء على الإرهابيين وتصفيتهم يتم داخل الأراضي الروسية». بينما ذكر مفتي جمهورية الشيشان صلاح ميجييف أن من سيعودون إلى الشيشان تائبين عن التحاقهم بـ«داعش» والعناصر الإرهابية في سورية سوف تتاح لهم فرصة العفو عنهم والحياة الطبيعية.