كنتُ في رحلة بريّة بين جبال السراة ومتنزهات الجنوب، ثم اخترقتُ طرق الصحراء بين الدمام والرياض، وخلال هذه الرحلات أنت في حاجة ماسة إلى أن تتوقف للراحة أو للتزود بالوقود، لك ولسيارتك، وقد فاجأني منظر تلك المطاعم المكشوفة في الطرق، بل حتى على مداخل المدن، ووضعتُ عدة احتمالات.
تُرى، مسؤولية مَنْ الرقابة الصحية على هذه العمالة المتردّية، والمحلات المفتوحة، وانعدام النظافة، وإن شئت قل حتى في بعض المطاعم داخل المدن، وهي مشهورة إلى حد ما؟
فقلت، لا يُعفى المواطن أساسا من الإبلاغ المباشر للجهات المختصة في أمانات المدن، وكلٌّ حسب منطقته، إلا أن بعض المطاعم في محطات البنزين تقع بعيدا عن عين الرقيب، وهنا أطالب بالفِرق المتنقلة على طول الطرق، كما هو حال الهلال الأحمر السعودي والدفاع المدني، فإن أمانات المدن مطالبة بتحريك جولاتها التفتيشية على مسار الطرق في المملكة.
فهناك وجبات طعام -بكل أسف- تمر عليها أيام دون رقيب أو حسيب، أما داخل المدن فهناك جهود مشتركة بين الأمانات، وهيئة الغذاء والدواء، كلٌّ يتحمل مسؤوليته تجاه هذه الأخطاء.
فعلى هيئة الغذاء جهد تقوم به خلال إطلاع المستهلك على جدولة المفيد أو الضار من الأطعمة، ومن مكونات الغذاء، وقد سبق لي أن قمت بالاطلاع على مجهودات هذه الهيئة التي نشرت مختبراتها على مداخل المملكة، وبجوار أجهزة الجمارك على الحدود، خصوصا أنها تنشط في مواسم الحج ورمضان، وبعض فصول السنة، وقدّموا للمجتمع مئات الإرشادات والتحذيرات، ورفعوا بملاحظاتهم إلى الوزارات المختصة، لتنبيهها من خطورة السماح بمثل هذه الممنوعات التي تسبب الأمراض، خصوصا تلك المواد المسرطنة التي لا يشعر المتذوق بخطورتها إلا بعد فوات الأوان.
وهنا، آن الأوان أن تتكاتف هيئة الغذاء، وأمانات المدن، وملاك المطاعم، بإصدار نشرات دورية عن هذه السموم التي غَزتْ الوجبات السريعة، وبعض الأكلات الساخنة، والتي عرفتها فيما بعد من بعض المختصين الذين تأكد لديهم ضرر بعض هذه المكونات الغذائية.
وبصراحة، كنتُ أقف مع أحد الباعة، وسألته عن دور البلديات وهيئة الغذاء، فأكد أن هناك جولات لكنها غير كافية لكشف الأخطاء الغذائية التي تسبب الأمراض من جراء تلوث الغذاء وعدم النظافة، أو الاجتهاد من بعض الطهاة، إن تفَنُّنه يعطي نكهات تُحسّن الوجبات، وقد غفل هؤلاء عن ضررها، إن لم تكن تحت مجهر الرقيب والمختص، وهذا هو محور الدور الرقابي المنوط بالجولات التفتيشية التي يقوم بها المراقبون الصحيون وموظفو الأمانات، وغيرهم ممن أناطت بهم الدولة مسؤولية وأمانة حياة المستهلك، مهما كانت وظيفته.
وقد سمعنا وقرأنا كثيرا عن بعض المطاعم الشهيرة، ووقوعها في أخطاء كانت سببا في التسمم، حتى اُغلقت هذه المطاعم.
إنها رسالة إلى هيئة الغذاء والدواء، مشكورة على جهدها، أن تخصص بعض الفرق الميدانية لمرافقة الرقيب الصحي إلى بعض البلديات، حتى يعم الوعي أصحاب المطاعم، فالعبرة بصحة الزبون لا بخزينة المالك لهذه المطاعم، وهذا هو محط توقفي حول هذ الموضوع الخطير الذي يشتكي منه المجتمع بين حين وآخر.
وقد أثبتت الأيام قصورا في الرقابة وغيابا حتى تقع الأخطاء، ثم عندها لا ينفع الندم، فقد تطورت وسائل الكشف عن الأخطاء في كل أجهزة الدولة، ومنها ما يخص الغذاء والدواء، وانتقاء المختصين المؤهلين من ذوي الخبرة في هذا المجال، ولا تُغفل دورك أيها المواطن هدى الله الجميع لكل خير.