لمياء فتاة سعودية تدرس في أميركا دخلت في نقاش في تويتر مع مجموعة من الأميركيين حول الإسلام، فرد عليها شاب بما معناه ما الذي أعطاك الإسلام، أنت لو خلعت الحجاب سيقتلك والدك، فقامت الفتاة بنشر محادثة لها مع والدها تخبره بأنها ستترك الحجاب فما رأيه، فرد عليها إن قرار الحجاب -ارتداؤه أو لبسه- هو قرارها وليس قراره.

كل شيء في هذا الكون من الممكن إجبار الخلق عليه إلا تعاليم الدين، إنها الشيء الوحيد الذي لا يريدها الله منك لأنك تريد رضا إنسان مثلك، لأنك حينها لا تكون فقط مجرد مسلم عصى ربه وأخطأ، بل مشركا قد تصل عقوبتك للتخليد في نار جهنم.

الحجاب مثل أوامر إلهية كثيرة، لم يرتب الله على انتهاكها عقوبة، ولا ألزم الحاكم بمعاقبة من يخالفنها كشرب المسكر. كما أنه -أي الحجاب- من الصعوبة بمكان فرضه على إنسان لا يريد الامتثال له، فلو اشترطت أن يكون عباءة ستقوم المرأة المجبرة على ارتدائه بالالتفاف عليه، وترتدي عباءة هي فستان بذاتها، تجد سيدة منقبة، وعيناها مكحلتان ورموشها الصناعية تصل إلى خدها.

في بلاد كإيران يلقون الأسيد على وجوه النساء غير الملتزمات بالحجاب ويقبضون عليهن، وفي بلاد أخرى يتعرضن للاستهزاء والشتم في الشوارع، لكن في بلد كبريطانيا لا أحد يحدد له ما يلبس، تلبس المسلمات وبقرارهن كل أنواع الحجاب وأساليب الاحتشام، من العباءة المحتشمة والنقاب إلى الحجاب الأميركاني.

أتساءل أحيانا لماذا اعتبر الرجل المسلم في العالم الإسلامي الحجاب قضيته هو، وأنه إذا خلعت المرأة الحجاب فكأنه إيذان بهزيمته ربما حتى أكثر من سقوط القدس في أيدي الصهاينة، ما علاقته بالحجاب؟ ولماذا فجأة أصبح مرتبطا برجولته وغيرته؟

لقد كانت العربيات سافرات الوجوه كاشفات الصدور تتخابط أيديهن في الصحن الواحد مع الرجال، وهذا في الصحاح، فهل احتاج الرجال العرب للقرآن ليوقظ غيرتهم عليهن وينقلهم من «الدياثة» إلى الرجولة، أم أن ذلك لم يكن أبدا له علاقة بالرجال، بل الحجاب جاء للمسلمة كأمر إلهي خاص يرفعها درجة أعلى من غيرها من النساء؟

على كل حال إن هذا الإفراط في تناول قضية الحجاب وجعل المرأة المسلمة ميدان معركة كبرى يجاهد الجميع في بناء سور حولها أفقد المجتمع المسلم دور المرأة العظيم، بعد أن تطرف الخطاب الذكوري في مسألة الحجاب، وفرض عليها الانزواء بعيدا عن دورها القائد والملهم للمجتمع، بل صارت هي تناقض نفسها وتقلل من أهمية دورها، وتدعو إلى وجوب وضع الحواجز حول خروجها، تقول إحدى عضوات مجلس الشورى لي قبل أيام، إنه وصلت لهم عريضة حول المرأة تبنتها عضو من النساء، كان مطلب العريضة إعادة النساء إلى المنازل استنادا لقوله تعالى «وقرن في بيوتكن»، تقول: قلت لهذه المرأة: هل تناقضين نفسك إذا كان هذا الأمر الوارد في خطاب إلى زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم- يشملك، فأنت أول من أهانه بخروجك من منزلك، لتهمس لننتقل للنقطة الأخرى.

الكائن المستقل القدر على إحداث فرق ستقف في وجهه النقطة الأخرى، وسنحتاج إلى آلاف الخطب لإقناعهم بأن نقاطهم كلها لا تخصنا ثم سيطلبون الانتقال للنقطة الأخرى.