حين تقضي ساعة واحدة تتصفح مواقع التواصل الاجتماعي -انستجرام، يوتيوب، تويتر-
ستجد نفسك مشحونا -دون أن تدرك- بأفكار حول: ماذا يعني أن تكون جميلا أو أنيقا؟، وربما لهذا السبب بدت وجوهنا اليوم -خصوصا كفتيات- متشابهة كثيرا.
يراجع بعض منا الأطباء أنفسهم، نحصل على الأنوف المصقولة نفسها، الشفتين المكتنزتين كلتيهما، الحنك العريض نفسه، النحالة نفسها، الشعر نفسه، وفي أحيان كثيرة المجوهرات نفسها، والأزياء نفسها.
بحسب إحصاء للجمعية الدولية للجراحة التجميلية، احتلت السعودية المرتبة الأولى عربيا في عدد عمليات التجميل، إذ أُجريت في 2010 وحده أكثر من 140 ألف عملية تجميل، هذا إذا وضعنا جانبا المبالغ المهولة التي نصرفها على ماركات أزياء ومكياج محدودة ومعروفة.
ولذلك أسباب كثيرة بلا شك، ولكن لعل أحدها هو أن دول الخليج -على رأسها السعودية- من أكثر الدول استهلاكا لمواقع التواصل الاجتماعي، بكل ما فيها من استعراضٍ تَشْييئِي للمرأة، استعراض يبالغ بالتركيز على الجسد، أو بما يسمى «جنسنة» المرأة!
إننا نحلّق في محيط يشكّلنا دون أن ننتبه إلى هذا الاختراق الرهيب لذواتنا وأذهاننا، ثم مظهرنا، يتساءل الفيلسوف الفرنسي رونالد بارث: «هل تفكر الطيور في كيف يبدو منظرها في السماء؟ لا أعتقد، فالسماء بالنسبة للطيور تعدّ شيئا مفروغا منه»، ونحن في المقابل، ما الذي جعلنا نعتقد أن هذا هو الجميل، وخلافه عادي، وغير ذلك قبيح؟
هذه الأفكار التي وجدنا أنفسنا مجبولين عليها، لماذا لا ننظر إليها بعين ناقدة؟
الغريب، هو أننا حتى لو لم نقم بتغيير أشكالنا بالاستعانة بمشرط الطبيب، فنحن نمارس التغيير الذي يجعلنا نشبه بعضنا بعضا، عن طريق مساحيق التجميل، أو ربما إن لم نفعل أيا من ذلك، يتبقى إحساسنا الداخلي بأن تلك هي معايير الجمال الكامل، وأننا إذ لم نمتلكها، فثمة خطأ ما.
وهذا العرض الثقافي الضيق للمرأة، لا يؤذي صاحبات الدخل المحدود فحسب، ولكن حتى السمراوات والسمينات والقصيرات، وغيرهن، ممن يقرر لهن الإعلام العيش تحت ضغط نفسي لا مبرر له، سوى ضحالة ثقافة منصاتنا الإعلامية وسطحيتها.
لكن، يمكن مقاومة هذه المعضلة عن طريق أبحاث إعلامية ميدانية، ورغم قلتها في الوطن العربي إلا أن أحدها هو ما قامت به البروفيسورة القطرية أمل المالكي في كتابها «المرأة العربية في الأخبار العربية»، إلى جانب اثنين من الباحثين، حللت البروفيسورة عشرات الآلاف من الأخبار عن المرأة المنشورة خلال العامين من 2007 - 2009، واكتشفت الخبيرة أنه -للأسف- يتجاهل إعلامنا المرأة الجيدة أو الناجحة، وحتى لو اعترف بها العالم الخارجي، فإن الإعلام العربي يستمر في التهميش!.
ربما لهذا السبب، تطلب فتياتنا وجه هيفاء وهبي، فذلك ما سيجعلها محط اهتمام أكثر بكثير مما لو كانت ناجحة أو مفكرة.