لي صديق كلما باعدت الأيام بيننا، وتوهتنا في دروب الحياة نلتقي صدفة، بالأمس كان لقاؤنا عابرا في أحد طرقات المدينة، لحظات سريعة، لكنها سمحت لنا أن نتبادل خلالها سؤال الحال والأحوال، إلا أنه استرعى انتباهي رنة وجع في حديثه، وسحابة هم غطت ملامحه، مما دفعني إلى سؤاله عن الأمر؛ فما كان منه إلا أن بادرني قائلا: أعلم بطروحاتك في الشأن الأسري، وتمتعك بحياة أسرية صحية مستقرة ولله الحمد، يا أخي متى «أهل الزوج والزوجة» يُشعرون أبناءهم المتزوجين بأن لهم حياة مستقلة عنهم دون أي تدخلات منهم تفسد حياتهم الأسرية؟!
فقلت له أكمل، قال ابن صديقي استوقفني قبل فترة عند باب مسجد وبحكم علاقتي بأبيه، كان يناشدني بالتدخل لإنقاذ حياته الزوجية التي أوشكت على «الانهيار» لولا تعاطيه مع الأمر بحكمة «بسبب تدخلات أهله» وممارسة ضغوط عليه من أجل تطليقها، فقاطعته على الفور، وكأني فهمت القضية، وقلت له: فتحت باب قضية إن سمحت لنفسي بالحديث فيها، فقد يطول وقوفنا، دعنا نذهب إلى ذلك المكان، وكان قريبا منّا «كوفي شوب» وانطلق الحديث معه عن قصص «الطلاق» التي تصل إلى سمعي في مجالسنا، أو نتيجة لقراءاتي لأحوال المجتمع في الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي، أغلبها نتيجة «لتدخلات أهل الزوج أو الزوجة»، فبعض أمهات الأبناء الأزواج حين يلمسن الانسجام بين أبنائهن وزوجاتهم، أو يلحظن أنهم يسافرون ويخرجون من البيت، أو لديهم رغبة في الاستقلال بقراراتهم الأسرية كالخروج إلى بيت مستقل أو في تحديد الإنجاب، قد يظنن وبعض الظن إثم أن أبناءهن «خُطفوا منهن»! أو «أن الزوجات أكلن عقول أبنائهن»! ولم يفسرن ذلك بأنه تفاهم وحب يجب أن يباركنه، فكما يتمنين ذلك لحياتهن مع أزواجهن أن تقوم على السكن والاستقرار، يجب أن يتمنينه لأبنائهن، بدلا من التفكير السلبي في أن «الزوج أصبح خاتما» في أصبع زوجته، كما بعض الأمهات يقلن ذلك، ولذلك فتدخلات الأمهات في تفاصيل حياة أبنائهن وزوجاتهم أو في حياة بناتهن وأزواجهن، وإفساد شعورهم بالاستقلال الزوجي، قد تكون بداية لأزمات في العلاقة الأسرية قد تنتهي «بالطلاق» إذا ما غابت عقول الأزواج والزوجات مقابل ضغوط الأهل وتدخلاتهم!
وليس الآباء بأحسن حال من الأمهات، حين يسمحون لأنفسهم بالتدخل في حياة أبنائهم، إما بسبب عدم الإنجاب أو تأخره، أو لشعورهم بوجود خلاف بين الزوجين، فعلى الفور يبدؤون في ممارسة ضغوط على أبنائهم ودفعهم إلى تطليق زوجاتهم، والشروع في زواج جديد! أو دفع الابنة الزوجة إلى تحطيم حياتها، وقد يحدث مثل هذا من قبل أهل الزوجة مع بناتهم.
الخلاصة أن تدخلات أهل الزوج أو الزوجة في حياة الأبناء الأزواج أو البنات المتزوجات قد تسهم في «تصدع حياتهم الأسرية»، كما هو لصاحب القضية، وتهيئ لأجواء «ملغمة» قابلة للانفجار، ولذلك أنصح الأبناء المتزوجين، وكذلك الزوجات بعدم السماح لتدخلات أهليهم في حياتهم الزوجية.