بعد أن أعلنت وزارة الإسكان الشهر الماضي عن إصدار رسوم الأراضي البيضاء بداية بمدينة الرياض، وإعلانها أن العمل جار لإصدار فواتير رسوم الأراضي البيضاء بمدينتي جدة وحاضرة الدمام قريبا، ناقش اقتصاديون آلية إقرار رسوم الأراضي البيضاء على محجوزات أرامكو التي أشار إليها في وقت سابق مستشار وزير الإسكان ومدير مشروع نظام رسوم الأراضي البيضاء، المهندس محمد المديهيم، باستثناء ملاك كل المخططات والأراضي التي تقع ضمن نطاق محجوزات أرامكو من تطبيق نظام رسوم الأراضي البيضاء إلى حين حل المشكلة.
امتياز قانوني
الخبير الاقتصادي فضل البوعينين بين لـ«الوطن» أن محجوزات أرامكو تفتح الباب واسعا أمام البحث المتخصص في ملاءاتها وامتيازاتها بوصفها شركة حكومية. وبعد الخصخصة يفترض أن يكون هناك تعامل مختلف مع قرار امتياز الأراضي الذي أعطى أرامكو قوة قانونية للاستحواذ على الأراضي الحاضنة لمكامن النفط والغاز أو تلك التي لا يمكن لعملياتها التشغيلية أن تتم دونها. ومن هنا يجب أن نميز بين الأراضي الحكومية والأراضي المملوكة للمواطنين، وبعضها سبق تملكها وجود أرامكو.
خصخصة أرامكو
يرى البوعينين أنه بالعودة للرسوم فإن نظام رسوم الأراضي البيضاء لا يطبق على الأراضي الحكومية، إلا أن خصخصة أرامكو ستجعل الأراضي التي تحت يدها وفي المحيط العمراني أراضي تابعة لشركة قطاع الخاص، مما يستدعي توضيحا حكوميا حيال ما سيطبق عليها مستقبلا. معتقدا أن الإعفاء قد يستمر مع أرامكو حتى بعد الخصخصة. ولكن السؤال الأهم يتعلق بالأراضي داخل المناطق السكنية والمخدومة التي تعتبرها أرامكو ضمن محجوزاتها ويعتبرها المواطنون أملاكا خاصة بهم بحكم الوثائق الشرعية. وهنا لا بد من بحث هذه النقطة من قبل الحكومة قبل طرح الشركة وإغلاق ملف الخلاف بين أرامكو والمواطنين حيال أراضيهم التي تملكوها شرعا بحر أموالهم وبتوثيق وزارة العدل.
معايير محاسبية
الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالله باعشن، أكد أن أرامكو حاليا من الناحية القانونية مؤسسة حكومية تملكها الدولة 100%، وطالما أن الرسوم هي نوع من الجباية يتم تحصيلها لخزينة الدولة، فمن الناحية المالية تحصيل دخل من جهة حكومية لا يتناسب مع الممارسات المتعارف عليها، وطالما أن أرامكو جهة مملوكة للدولة وذات صبغة سيادية فكل ما تملكه هو للدولة ولا يفترض أن يكون هناك رسوم أو ضرائب على تلك الأراضي التابعة لها، ومن زاوية أخرى فقد ينظر لهذه الأراضي أو المحجوزات على أنها أصول ذات عوائد، وبالتالي تحصل هذه الرسوم بناء على هذه الممارسة، مشيرا إلى أن أرامكو ليست إلا جهة ذات امتياز، والدولة تفرض عليها ضرائب حتى في الوقت الحالي، وقبل عملية تخصيصها نرى أن نسبة الضرائب وصلت إلى 45%، وهذه الأراضي تعتبر أصولا منتجة مثل آبار النفط، ويمكن أن تؤخذ الرسوم عليها كما يتم في حق الامتياز على آبار النفط.
توجه الدولة
يرى باعشن أن الأراضي الحكومية الأخرى إذا لم يتم تشغيلها وإنما هي محجوزة بدون أي منفعة فإن توجه الدولة هو استثمار هذه الأراضي كما حصل في مشروع «القديّة»، والدولة ستتوجه إلى ذلك لأنها تملك إضافة إلى محفظتها في الصناديق السيادية أراضي واسعة وغير مُستغلة، وهذه الأراضي ستوجه إما أن تكون ذات تشغيل وإنتاج أو سيتم التخلص منها عن طريق تحقيق إيرادات، وهو ما تبحث عنه الدولة ليساعد في عملية التوازن المالي التي تسعى له. ولفت باعشن إلى أنه منذ ثلاثة أسابيع بدأ تطبيق الرسوم على الأراضي البيضاء، والبنية التحتية لعملية التشغيل غير جاهزة من قبل الأجهزة التنفيذية للعمل على تطبيقها، والمشكلة ليست في فرض الرسم، إنما أن تكون البنية جاهزة للعمل.