برغم أن لي ملاحظات كثيرة، على برنامج الثامنة الشهير، قد كتبتها في مقالات عدة سابقة بالوطن، إلاّ أنني مرغم على أن أُحيّي داود الشريان وبرنامجه تحية إجلال وإكبار، على الحلقة التي أذيعت قبل أيام.
الحلقة كلها كانت تتحرك في مساحة شاسعة من الإنسانية أولاً، ومن الحسّ الوطني والمهني ثانياً وثالثاً وعاشراً.
جميل جداً، بل غاية في الجمال، أنه في الوقت الذي تلهو فيه الشاشات ببرامجها ومذيعيها في فلك واسع من الابتذال والتسطيح واللامبالاة، تُخصص حلقة كاملة، عن جنودنا الرجال الجبال، وأن تدخل الحلقة في عملية كشف ونبش للجانب الخفي في العمليات الحربية التي يخوضها جنودنا على الحدّ الجنوبي الملتهب، ليل نهار.
البرنامج استضاف مجموعة من جنودنا الجبال، ضباطاً وأفراداً، من سلاح البريّة والصاعقة، ممن أصيبوا في المواجهات، ومنهم من فقد رجله، أو بُترت إحدى أطرافه، وكيف كانت الرحلة الدامية في جغرافيا الألغام.
الحلقة استعرضت الكثير من الفيديوهات والصور والذكريات لضيوف الحلقة، وكان جميلاً أن يدخل البرنامج إلى يوميات هؤلاء الأبطال، ابتداءً بصورهم العائلية، وليس انتهاءً بصورهم الخاصة في أرض النضال، وكيف كانوا يتحدثون بروح الذائد عن الدين والوطن، رغم إصاباتهم وآلامهم، غير منكسرين ولا متذمرين ولا قانطين.
هؤلاء الجنود، أولى والله وأحق بكلّ الضوء الإعلامي، وبكلّ البرامج، لسرد حكاياهم وذكرياتهم، في أشرف ميدان.