لا تشير الدلائل القادمة من الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى أي تحسن ملموس في العلاقات الثنائية بين روسيا والولايات المتحدة، حيث إن زيارة وزير الخارجية الأميركي ريكس تيليرسون إلى موسكو، غطى عليها خبر آخر من مجلس الأمن وهو استخدام روسيا حق النقض (الفيتو) على مسودة قرار أممي للتحقيق في الهجمات الكيماوية التي استهدفت منطقة خان شيخون السورية.
خلال لقاء تيليرسون بأبرز المسؤولين الروس، بمن فيهم فلاديمير بوتين نفسه، كانت المندوبة الأميركية إلى الأمم المتحدة نيكي هايلي تنتقد السلوك الروسي وتطالب موسكو بالتوقف عن تغطية الرئيس السوري، كما أبلغتها أنه آن الأوان كي «تدفع موسكو بجدية للسلام، وكي لا تكون جزءا من المشكلة».
كان من المنتظر أن تكون العلاقات الثنائية بين الدولتين حملا ثقيلا على تيليرسون، حيث الأخير كان في واجهة السياسة الخارجية الأميركية في الأيام الأخيرة، ومع أن تيليرسون قال عن روسيا إنها غير مؤهلة لحل الأزمة بسبب وقوفها إلى جانب الأسد، لم يمنعه ذلك من البحث عن إعادة تطبيع العلاقات بين الدولتين، في وقت أنهى لقاءه الرسمي الأول بالرئيس الروسي الذي كان «سيدا في الغموض»، حول ما إذا كان سيستقبل أم لا وزير الخارجية الأميركي.
ما رشح من إيجابيات عن الاجتماعات في موسكو كان ضئيلا جدا، خصوصا إذا ما قورن مع وعود ترمب خلال حملته الانتخابية. فبالنسبة إلى إعادة العمل بخط الاشتباك فوق الأراضي السورية بين القوتين الجويتين، من غير الواضح بالأساس إلى أي مدى عُلق العمل بالتعاون على هذا المستوى. يعدّ كلام وزارة الخارجية الروسية عن أولوية إيجاد توافق حول سورية بـالمتفائل وكذلك الأمر، الحديث عن تحالف دولي واسع لمكافحة الإرهاب. إن مسالة العثور على أرضية مشتركة بين الدولتين ستكون صعبة، نظرا للموقف المتشدد الذي اعتمدته إدارة ترمب تجاه مصير الأسد عبر الحديث عن ضرورة رحيله.
وبعد أن التقى ترمب بالأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرج وأصدر بيانا «مدهشا»، على الأقل، بالنسبة إلى الذين تابعوا تصريحاته السابقة حول هذا الموضوع. أكد ترمب نظرة جديدة إلى الناتو وتملص من تصريحاته التي انتقد من خلالها الناتو، فيما لا تزال العلاقة بين الدولتين قد تكون في أدنى مستوياتها منذ زمن طويل.
إن إعادة العلاقات الثنائية إلى طبيعتها أمر يستغرق زمنا، لكن إدارة ترمب عادت تقريبا بين ليلة وضحاها إلى «حكمة المؤسسة التقليدية» التي انتقدتها يوما بقسوة، فيما ستكون الحرب الباردة بين البلدين مرجحة أكثر من إعادة تطبيع العلاقات.
مجلة ناشونال إنترست الأميركية
بلايك فرانكو