من أهم مظاهر الإعلام الغربي أنه في جانب يعمل ويخضع لقانون واضح المعالم واللون، لا برتقالية أحيانا، وأحيانا أخرى عنابية، وفي جانب آخر أنه يحترم دوره كوسيلة نقل وإخبار الجمهور بما يحدث بشكل يتحرى الدقة، ولا أقول يتحلى بالموضوعية بالضرورة، فخلال الأسبوع المنصرم شهدنا أربع حالات جدلية أثارتها وسائل الإعلام، اثنتان منها كانت نتيجة أخطاء للإعلام ذاته، واثنتان كان الإعلام سبب في كشفهما وإثارتهما.

ونتيجة لكون الإعلام من جهة والشركات التي تهتم بسمعتها التجارية تعلم علم اليقين أن التعامل والتعاطي مع ما يثار في الإعلام من الأهمية بمكان في حماية سمعتها ومصداقيتها على المدى القصير والطويل، فإن الخروج بالاعتذار ولا أقول التبرير هو ما يجعلنا نقول أنه تتعامل بحرفية واحترام للجمهور.

أول الاعتذارات كانت للمتحدث باسم البيت الأبيض «شون سبايسر»، بعد موجة من الغضب الإعلامي والشعبي على الهفوة التي ارتكبها بقوله إن بشار الأسد أسوأ من هتلر، على اعتبار أن الأخير لم يستخدم السلاح الكيميائي ضد شعبه، متناسيا المحرقة التي يؤمن اليهود بأنها وقعت في حقهم من قبل الدكتاتور النازي، في حين كان الاعتذار الثاني لصحيفة الديلي ميل البريطانية، والذي قدمته مع دفع تعويض قدره ثلاثة ملايين دولار لميلانيا ترمب السيدة الأولى الأميركية التي كانت قد رفعت قضية بحق الصحيفة، بعد نشرها ادعاءات تفيد بأن ميلانيا عملت ذات مرة كفتاة مرافقة للرجال.

في المقابل اعتذرت كل من شركة بيبسي كولا وطيران يوناتيد الأميركي، بعد أن قامت الأولى ببث إعلان سحبته، إثر جدل كبير وانتقادات واسعة، لأنه بدا وكأنه يستهزئ باحتجاجات تدعو إلى العدالة الاجتماعية، في حين كان الخبر الأكثر إثارة وتناولا في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي خلال الأسبوع المنصرم، هو ما قامت به شركة طيران يونايتد من التعامل بوحشية مع أحد الركاب الذين طلب منهم مغادرة الطائرة، وهو ما أدى لتقديم خطوط الطيران عددا من الاعتذارات المتتالية عبر وسائل الإعلام الأميركية المختلفة في محاولة لإدارة أزمتها التي كان من انعكاساتها هبوط حاد لأسهم الشركة في أسوق الأسهم الأميركية.

هناك فرق بين الاعتذار والاعتراف بالخطأ وبين التبرير ومحاولة الـ(تصريف) أو خلق الأعذار التي نقرؤها ونسمعها في كثير من حالات الخطأ والتجاوز والإهمال التي تقع فيها بعض وسائل الإعلام أو تلك التي تكشفها، وكأن الاعتذار لدى البعض سيفقده هيبته واحترام الناس له، بينما الاعتذار هو «العطر الجميل الذي يحول أكثر اللحظات حماقة إلى هدية جميلة»، كما تقول مارجريت لي رونبيك.