أعاد معرض «مختارات عربية» الذي أطلقه «أتيليه جدة» مساء أمس بمركز «ناظر» في جدة، بمشاركة نخبة من الفنانين السعوديين والعرب عبر أعمال في الرسم والتصوير والنحت والخزف والجرافيك، للواجهة موقف الرقابة من الأعمال المطروحة، حيث تعذرت مشاركة فنانين عرب يقيمون في المهجر، بسبب اختلاف معايير الرقابة وإجازة الأعمال، طبقا لبعض هؤلاء الفنانين، الذين تحمل بعض أعمالهم مشاهد «عري وابتذال» ترفضه التقاليد المحلية، بحسب مدير أتيليه جدة هشام قنديل.
تخفيف الضغط
قال الفنان التشكيلي عبدالرحمن السليمان الذي انتخب أول رئيس لجمعية التشكيليين السعوديين عام 2007، لـ«الوطن» مستعرضا تاريخ الرقابة على الأعمال الفنية في السعودية: عندما كانت الرئاسة العامة لرعاية الشباب تدير شأن الفن التشكيلي في المملكة كان هناك نظام واحد لإجازة أي معرض وفي أي منطقة، وكانت الحركة تسير بشكل طبيعي، حيث يمثل الإجازة رجلان أحدهما مندوب الرئاسة والآخر من وزارة الداخلية، وعادة تنتهي المعارض بالسماح، ولا أتذكر منع أي معرض طيلة العقود الماضية. وتابع السليمان الذي ظل رئيسا لجمعية التشكيليين حتى اعتذاره عام 2012 «في السنوات الأخيرة بدأت الاجتهادات، حيث كانت بعض القاعات تبعث بطلبات إجازة معارضها إلى وكيل الوزارة للشؤون الثقافية، وبناء على صور للأعمال الفنية، وكانت غالبا تأتي الموافقة دون إشكالات، كانت على سبيل المثال قاعة تراث الصحراء بالخبر تضع ورقة الموافقة في مدخل معارضها، وكانت هناك مطالبة بتخفيف عملية الإجازة وتخفيف الضغط على الوكالة لكثرة المعارض والنشاطات،وكانت فروع جمعية الثقافة والفنون في بعض المدن تؤدي هذا الدور، ثم ظهرت جمعية الفنانين التشكيليين وكما تناقل البعض تجيز بشرط أن يكون الفنان أحد أعضائها.
جهة مساندة
لا يعارض الفنان عبدالرحمن السليمان إشراك جمعية الثقافة والفنون في إجازة الأعمال الفنية للعرض، لكنه يطالب بتوفير آلية مقننة ومعايير واضحة للرقابة قائلا: الحقيقة في ظل اجتهادات متعددة تعطّل عدد من المعارض أو حتى المناسبات، ولعلنا نتذكر مزاد «أيام جاليري» بجدة قبل أعوام.
وأضاف: جيد أن تعنى الجمعية بإجازة المعارض، فهي أكثر تخصصا وعلاقة، وهي معنية في الأساس بمثل هذا الشأن، لكني لا أرى شرط أن يكون الفنان صاحب المعرض من أعضاء الجمعية، فالرئاسة العامة لرعاية الشباب أو الوزارة كانتا على يقين بأن كل الفنانين ينتمون إليهما دون مشاكل، وبالتالي أرى أن على الإخوة في الجمعية تفهم هذا الأمر، لأننا نريدها قناة دعم وتشجيع للمؤسسات وللفنانين، وأن تكون مرجعية تكسب الجميع، وتحل المشاكل لا أن تعقدها، وأن تخفف على الوزارة متمثلة في الوكالة من كثرة الطلبات، كما يمكن أيضا وضع جهة مساندة كالثقافة والفنون في المدن التي ليس فيها فروع لجمعية التشكيليين.
رقابة بلا قيود
مدير أتيليه جدة وصاحب فكرة معرض مختارات عربية هشام قنديل، يقلل من حجم إشكالية الرقيب للأعمال الفنية، مشددا على أنه لا قيود على حركة الفن التشكيلي السعودي مستدركا «إلا طبعا في الأعمال التي فيها عري وابتذال، وهذا طبيعي جدا ويرفضه أي مسلم». ويضيف قنديل: على مدار أكثر من 30 سنة أدرت فيها العديد من المؤسسات التشكيلية لم يرفض لنا أي معرض ننظمه سواء كان جماعيا أو شخصيا، ونسبة الأعمال المرفوضة طوال هذه الرحلة لم تتجاوز 1 % سواء كانت لجان الإجازة من الرئاسة العامة لرعاية الشباب سابقا، أو من وزارة الثقافة والإعلام حاليا ممثلة في الجمعية التشكيلية السعودية فرع جدة برئاسة الفنان نهار مرزوق سابقا أو الفنان هشام بنجابي حاليا. وطوال هذه الرحلة نظمت أكثر من 1000 معرض داخل وخارج المملكة،
ويؤكد قنديل على صرامة موقفه في هذا الاتجاه، موضحا: لأنني أعلم جيدا عادات وتقاليد المجتمع السعودي. فإنني لا أضع أي عمل فني مخالف لهذه العادات والتقاليد الإسلامية، وقد كانت اللجنة لا تأتي أحيانا لأنها تعلم تمام العلم أنني لن أسمح بوضع أي عمل فني يخالف هذه التقاليد، وهذه الثقة تولدت كما أشرت لإدارتي المركز السعودي للفنون التشكيلية أو بيت الفنانين التشكيليين أو قاعة البعد الثالث وحاليا أتيليه جدة للفنون التشكيلية، ومؤخرا توليت إقامة المعرض التشكيلي المصاحب لفعاليات المعرض الدولي للكتاب بجدة.