تحولت تغريدة لا تتعدى العشر كلمات أطلقها أحد المواطنين على موقع «تويتر» خلال أيام من نشرها إلى مبادرة تطوعية، ومن ثم فكرة جمعية خيرية تهتم بعدد من شرائح المجتمع، بعد أن تفاعل معها المغردون، وفي غضون 3 أيام أعلن أكثر من 150 جهة حكومية وخاصة وأفرادا التبرع العيني أو المالي أو الدعم اللوجستي للحملة، في الوقت نفسه اعتبر خبراء الإعلام والتسويق هذه المبادرة منصة جديدة للعمل الخيري أكثر مرونة من الأساليب التقليدية.



 تفاعل المغردين

قال صاحب المبادرة عبدالعزيز القحطاني الذي أضحى خلال 3 أيام أحد مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي وزاد عدد متابعيه في «تويتر» بأكثر من 50 ألف متابع لـ«الوطن»، إن «فكرة المبادرة بدأت تراودني عندما شاهدت الأحد الماضي بعض عمال النظافة يمارسون عملهم في الشارع وسط الغبار، ففكرت في مساعدتهم من خلال تغريدة على حسابي تقول «كم ريتويت عشان تعطونا 100 ساندوتش نوزعها على عمال النظافة في الشارع».  وأضاف «فوجئت بتفاعل كبير من المغردين مع التغريدة، ومن بينهم جهات مختلفة عرضت المشاركة في المبادرة، حتى أن عدد الجهات والأفراد الذين تقدموا للمساهمة تجاوزوا الـ150، من بينهم مؤسسات خاصة وجهات حكومية، وأفراد».



جمعية خيرية

كشف القحطاني أنه تحرك فورا بعد التفاعل مع المبادرة بتشكيل فريق تطوعي مكون من 6 متطوعين، لمتابعة التبرعات والعمل على تسلمها وتسليمها للمحتاجين، وقال إن «دائرة المستهدفين اتسعت لتشمل إضافة إلى عمال النظافة المحتاجين وأسر الشهداء والمساجين، وحرصا على تعميم الفائدة بدأت في الإجراءات الرسمية لإنشاء جمعية خيرية مقرها مكة المكرمة تنطلق من هذه المبادرة، وخاطبت إمارة المنطقة بهذا الشأن».  وردا على بعض من شكك في صدقية المبادرة واعتبر أن الهدف منها تسويق منتجات أحد مطاعم الشاورما، أوضح أنه لا تربطه أي علاقة بمطعم الشاورما الذي قص شريط التبرعات، وأنه كان مترددا في بداية الأمر خوفا من عدم استجابة المطعم، مشيرا إلى أنه لم يكن من مشاهير التواصل الاجتماعي حتى يتم التعاقد معه للترويج والدعاية.



النوايا يعلمها الله

رفض رئيس مركز أسبار للدراسات والبحوث والإعلام الدكتور فهد العرابي الحارثي اعتبار تهافت الشركات والمؤسسات للمشاركة في المبادرة استغلالا للعمل الخيري، مؤكدا أن لا شبهة أخلاقية في ذلك، وقال إنه «من الجانب النظري والأخلاقي المبادرة حق مشروع في المنصات الرقمية، وظاهر المبادرة والتبرعات رزق من الله للمساكين الذين لا تكاد أجورهم تسد احتياجاتهم، وتكفي قوت يومهم، أما النوايا فعلمها عند الله».  واستبعد أستاذ الإعلام بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور محمد الصبيحي أن يكون في تصرف المشاركين في المبادرة سواء من أطلقها أو الجهات التي أعلنت عن المساهمة فيها بالتبرع هدف خاص، وأوضح أن «الظاهر عدم وجود شبهات أخلاقية أو مهنية في ذلك»، مشيرا إلى أن مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي يعتمدون على استثارة المشاعر الإنسانية من خلال عدد من الجوانب، والعمل الخيري من ضمن تلك الجوانب.



أهداف ترويجية

أكد المحاضر في الإعلام والاتصال مسفر الموسى أنه «لا يوجد ما يمنع أن تكون أهداف المبادرة ترويجية، ما دامت تحقق الأهداف الخيرية منها»، معتبرا أن عبدالعزيز القحطاني ومن معه في المبادرة استطاعوا إيجاد نموذج عصري جديد يرعى مصالح المستثمرين وفي الوقت نفسه مصالح العمل الخيري.