تتميز بلادنا بطبيعتها الصحراوية وبثقافتها العائلية التي تجعل من المكان والإنسان منتجا سياحيا مميزا. إن قيم البادية التي نشأ عليها المواطن السعودي، من كرم وقرى ضيف وبشر ولطف معشر، تجعل من صحرائنا وساكنيها مادة للسياحة ومقصدا للسياح، حين نعمل على خلق مجتمع واع بأهمية الاستثمار العائلي في السياحة.

النشاط السياحي العائلي، وهو متاح في دول العالم من حولنا، يمكن تفعيله وتنشيطه بوضع برامج سياحية مدعومة من الهيئة العامة للسياحة والآثار، من خلال التعاقد مع الأسر الراغبة في استضافة السياح الأجانب (فئة العائلات تحديدا) في بيوتها ومزارعها أثناء الإجازات، على أن توضع لهذا النوع من السياحة تنظيمات إدارية من الوزارات المعنية، وتحدد له اشتراطات سلامة يشرف الهلال الأحمر السعودي، وبرامج تنقلات بالتعاقد مع مكاتب السفر والسياحة، وبرامج ترفيه متنوعة بالتعاقد مع الهيئة العامة للترفيه، ثم تستقبل الطلبات المكتملة، ويتم اختيار ما استوفى الشروط منها.

مناطق البادية أيضا يمكن أن تتحول إلى مناطق سياحية، بحيث تجهز فيها مهرجانات جاذبة، مثل تلك التي تجهز لمزاين الإبل سنويا، وتجتذب محبيها من دول الجوار. ويكون ذلك بتأسيس قرى سياحية بدوية في مناطق البادية، وابتكار برامج سياحية تناسب ثقافة البادية في الغناء والرقصات والأكل والتنقلات، وهذا من شأنه أن يجتذب السياح الراغبين في التعرف على المجتمع البدوي وقيمه وعاداته التي يقرؤون عنها في كتب الرحلات.

المناطق التاريخية أيضا يمكن تحويلها إلى مناطق سياحية، بإنشاء الفنادق والمنتجعات والقرى السياحية، وحشد العروض والفعاليات المستمرة، فمنطقة مثل الجنادرية أو سوق عكاظ تستقبلان الزوار لمدة عشرة أيام في العام لا يمكن أن تحقق استثمارا سياحيا دائما للبلد؛ ومن ثم فإنه لا بد من العمل على أن تحويل تلك المناطق من مجرد كرنفالات ومهرجانات مؤقتة إلى مزارات سياحية دائمة. هذا ما يتناسب تماما مع الإمكانات التي حشدت لها طوال السنوات الماضية حتى انتهت لما انتهت إليه من التميز والإتقان والمفارقة للسائد في الخليج والوطن العربي. وللنظر في تجارب الدول من حولنا لنعرف كيف يستثمر الآخرون مناطقهم التاريخية في السياحة، فالحي الثقافي كتارا في قطر ومدينة الإنتاج في القاهرة ومناطق التصوير في هوليوود، كلها مناطق مصنوعة لغايات غير سياحية، ومع ذلك تحولت إلى مناطق يقصدها السياح في تلك الدول.

هذا التنويع في برامج السياحة من شأنه أن ينشط سياحتنا المحلية، وأن يجتذب السائح الأجنبي الباحث عن الاختلاف والتمايز عما هو مألوف في بلده والبلاد المجاورة، مثلما أن من شأن التركيز على السياحة العائلية تحديدا أن يحقق مصدر دخل جيدا للعائلات المشاركة في البرامج أثناء المواسم السياحية، ويقلل أيضا من أعداد العائلات التي تخرج للسياحة خارج المملكة كل عام.

حين يتم تبني هذا المقترح يمكن أن تنشأ الهيئة العامة للسياحة والآثار بوابة إلكترونية للطلبات من الخارج، أو برنامجا مخصصا للحجوزات، يتم تحصيل المبالغ المستحقة للمواطن وللهيئة من خلاله. وهذا أيضا يتيح للهيئة مصدر دخل جيدا، ويخلق فرصا وظيفية للشباب من خريجي كليات السياحة والفندقة.