اكتشفنا بعد سنوات من مزاحمة مباني الإدارات الحكومية لنا في شوارعنا وأحيائنا السكنية، أن باستطاعتنا توفير الوقت والجهد والمال بأسلوب عصري حديث، مريح، جاذب وعملي!

تتناول قهوتك المفضلة في أحد «المولات» وجوارك الأحوال المدنية في محل زجاجي جميل!

في المول المقابل، هناك محل آخر للجوازات السعودية بهندسة عصرية لا يقل جمالا عن سابقه!

ولو واصلت جولتك لوجدت عند البوابة رقم2 محلا آخر لأحد البنوك المحلية يقدم خدماته، وفي ممرات المول أكشاك صغيرة لكبريات شركات الاتصالات العاملة في البلد!

هذه الحقيقة التي نشاهدها ولا نصدقها أحيانا!

ولو خرجت نحو الشارع ستكتشف محلات أخرى على واجهة الأبراج والعمائر التجارية لبعض مؤسسات وإدارات الحكومة، كالتجارة والتقاعد والعمل وغيرها!

هذا التحول اللافت خلال السنوات الماضية في «خدمة المواطن»، كشف لنا أن وجود معظم المباني الحكومية والخاصة الكبيرة هو كذبة كبيرة!

وأن ضرورة وجود مبانٍ كبيرة على شوارع رئيسية هو وًهْمٌ كبير!

غير أن هذا التحول العملي ليس شاملا للأسف. أعني ما يزال خاضعا للقناعات الشخصية، إذ ما نزال نشاهد إدارات حكومية ضخمة، تزاحمنا في أحيائنا، ولو دخلتها لوجدت مكاتب واسعة، وأبوابا ومصاعد وممرات. بينما تستطيع لو أرادت أن تجمع الموظفين في دور واحد وصالة واحد كبيرة -أو صالتين- بشكل هندسي خلاب، وتوفر الأرض والمال والطاقة، وتستثمر الأدوار المتبقية للصرف على مشاريع الإدارة!

طرحت العام الماضي اقتراحا يتعلق بخلخلة هذه المباني الأسمنتية، ونقلها من وضعها الحالي إلى مبانٍ اقتصادية عملية تواكب العصر الذي نعيش فيه. إضافة إلى أهمية استفادة مؤسسات الحكومة من مباني بعضها. بمعنى: تستطيع أن تجمع 4 جهات حكومية في مبنى واحد. لو أردت، فتوفر الوقت والجهد على الناس والمال على الدولة!

لكن الذي يظهر لي أن عجلة التطور في بعض القطاعات رهن بالفعل للقناعات الشخصية!.