ما أن نشر أحد الزملاء السعوديين خريجي البعثة في الصين في أحد المواقع الصينية المهتمة بالاستثمار والتجارة بياناته موضحا بأنه على أتم الاستعداد للتعاون مع رجال أعمال صينيين للاستثمار في السوق السعودي، حتى تهافتت عليه الاتصالات ورسائل البريد الإلكتروني من شركات صينية كبرى وصغرى، وحتى من الأفراد يفيدون بأنهم لديهم الرغبة منذ وقت طويل في الاستثمار في السوق السعودي، ولكن حاجز اللغة والثقافة وقف عائقا أمامهم، وأنهم سعيدون بأن يجدوا شابا سعوديا يجيد اللغة الصينية ومستعدا لتذليل العقبات التي يواجهونها للدخول إلى السوق السعودي.
تواصلت معه شركات إلكترونية وأخرى متخصصة في تصنيع الملابس، وشركات سيارات كبرى، وأفراد لديهم منتجات خاصة بهم ينوون تسويقها وبيعها في السوق السعودي، تزاحمت عليه الطلبات حتى وقف زميلي عاجزا عن تلبية معظمها، وخاصة أن أغلبهم يطلبون فقط الاستشارة وتقديم بعض الخدمات لتأسيس مشاريعهم وهو ما يعتبره زميلي مضيعة لوقته وجهده وركز على بعض الشركات التي ترغب بالدخول كشريك معه، وها هو الآن خلال الأشهر القليلة الماضية استقبل إدارة شركة صينية متخصصة في الأبواب الأمنية، ومتحمسة جدا للاستثمار في الرياض وفتح فروع لها في جدة والدمام.
ليس فقط زميلي من قام بهذه الجهود الفردية في هذا المجال، بل يوجد صينيون يعملون في السعودية منذ سنوات أخبروني بأنهم يقومون بدراسة منتجات السوق السعودي، وخاصة المنتجات المبالغ في أرباحها بسبب طمع بعض التجار السعوديين، ويقومون بعرضها على رجال أعمال صينيين، ومن ثم يقومون بصناعة نفس المنتج بجودة أعلى، وينشرونه في السوق السعودي بسعر أرخص، ويجعلون التاجر الجشع يتكبد خسائر فادحة، وتذهب كل محاولاته بعد ذلك في تخفيض السعر هباء، لأنه قد فاته الأوان. وطرحي لهذا الأمر ليس فقط كمعلومة، بل كتحذير لبعض رجال الأعمال السعوديين الذين يعميهم الطمع ويرفعون السعر على المستهلك المغلوب على أمره.
رجال الأعمال في الصين والشركات الصينية يملكون رأسمالا قويا جدا، ويبحثون عن فرص الاستثمار في أي سوق ناشئ، وخاصة في السعودية كأقوى سوق جاذب في الشرق الأوسط والعالم العربي، رغم صعوبة اللغة العربية على المستثمر الصيني، وعدم فهمه لثقافة المستهلك السعودي، وعدم وجود مركز سعودي صيني لسد هذه الثغرة تقوم عليه الغرف التجارية أو مجلس الأعمال السعودي الصيني.
تطورت العلاقات بين حكومتي السعودية والصين بشكل إيجابي، وتم عقد العديد من الشراكات الاستثمارية، وتوقيع العديد من الاتفاقيات الناجحة والمثالية، ولكن يجب علينا أيضا أن نلتفت لرأس المال الصيني الخاص والفردي الراغب بالاستثمار في السوق السعودي، وأن نضع المحور أو نقطة الارتكاز التي تربط بين هذه الأموال والفرص الاستثمارية في السعودية عبر مركز سعودي صيني، تحت مظلة مجلس الأعمال السعودي الصيني يقوم عليه سعوديون يجيدون اللغة الصينية، ويفهمون الثقافة الصينية وطريقة تفكير رجل الأعمال الصيني، ويقومون بتشجيع رأس المال الصيني على الدخول إلى السوق السعودي، عبر حزمة من الخدمات كتقديم الاستشارات، وكل ما من شأنه أن يرفع مستوى الشراكة الاستثمارية بين الصين والسعودية.