أمر عجيب هذا الذي يحدث.. كثيرون يتابعون بشغف وفرحة غامرة أخبار تعثر بعض الصحف الورقية المحلية.. ويتبادلون التكهنات بإغلاقها، وكأنهم يتحدثون عن الصحف الصهيونية مثل «يديعوت أحرونوت، ومعاريف»!

قبل أيام توقفت صحيفة «الحياة» عن الطباعة ليومين، خبر كهذا محزن للعاملين في الصحافة العربية بشكل عام، وللذين يدركون بشكل محدد قيمة «الحياة» كصحيفة عريقة، وصوت مؤثر في المشهد الإعلامي العربي.. لكن - وهذا ما حدث - هنالك من فرح بهذا الخبر؛ مبشرا بأن هذه هي البداية، وستشاهد بقية الصحف السعودية تتساقط واحدة تلو الأخرى!

يغيب عن هؤلاء أن توقف الصحف الورقية في ظل عدم وجود مصادر موثوقة، سيجعل الصورة شديدة القتامة.

بشكل عام، أتفهم الحديث عن توقف الصحف الورقية، في ظل شح مصادر التمويل، وتراجع الإعلان، أو -وهذا رأي وجيه - لم يعد بعضها يلبي تطلعات القراء، إضافة لكونها مرحلة حتمية، ونهاية متوقعة في عصر بات رقميا في كل أجزائه.. واقتلع أشياء كثيرة في طريقه، وليست الصحف الورقية هي الضحية الوحيدة المتوقعة.. كما قلت هذا مآل وصيرورة حتمية.. يقال إن عام 2040 سيشهد اختفاء الصحف الورقية في العالم كله..

لكن ومجددا: لماذا يتداول البعض أخبار توقف صحفنا بفرح وسعادة؟!

لماذا يتباشرون بتأخر طباعة صحيفة «الشرق»، كما فعلوا ذلك مع صحيفة «الحياة»؟ بل لماذا يتناقلون بسعادة غامرة تأخر رواتب العاملين في بعض الصحف؟!

لا أود الاجتهاد في سرد الإجابات لأنني توصلت إلى إجابات مخجلة!

الخلاصة: إن توقفت الصحف السعودية عن الطباعة، فلا يعني هذا اختفاءها عن المشهد.. بل ستبقى سيدة الإعلام الرقمي.. مواقع الصحف على شبكة الإنترنت هي صحف قائمة، وليست مجرد صورة رقمية.. ناهيك عن أن جميع الإحصاءات الموثقة تكشف أن مواقع الصحف الورقية على شبكة الإنترنت هي التي تتنافس على صدارة القائمة في السعودية!

أرجو أن يقتنع بعض مجالس إدارات الصحف بأهمية مواقعها الإلكترونية لضمان استمراريتها، ولاحتواء أزمتها.. كثير من صحف العالم اليوم اتخذت خطوات جادة وعملية في التحول إلى صحف إلكترونية.. في السعودية هذا المتوقع والمنتظر اتخاذ خطوات بشأنه خلال العام الحالي.. التأخير ليس في مصلحة أحد.