حسب المثل الشعبي المصري الذي يقول «هبلة ومسكوها - بتشديد حرف السين - طبلة»، فإنني أرى أن ساندرا سولومون ليست سوى تجسيد حي لهذا المثل! فهي إضافة جديدة لقائمة كنت قد تحدثت عنها في مقالة سابقة لي، بعنوان «المهابيل الثلاثة: لتشويه صورة الإسلام والمسلمين»، ولكن الأخيرة تستحق نيشان البلاهة بامتياز!
في الأسبوع الماضي تناقل مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي مقطعا لامرأة منقبة موشحة بالسواد، تقف أمام مجموعة من الناس في كندا، ووسط التأييد والتهليل ظهرت وهي تصرخ بكل عصبية، لدرجة يشعر المشاهد وكأن عروق رقبتها تتفجر تحت ذاك النقاب! عندما فتحت المقطع للمرة الأولى لم أكمله لعلمي بالحملة المستعرة ضد المملكة بخصوص «المرأة»، وقد لاحظت أن من تختفي تحت الحجاب ليست سعودية من لكنتها وهي تتحدث الإنجليزية، ومن كثرة الفبركة التي أصبحت تؤخذ على أنها الواقع ويصدقها الناس من دون تمحيص أو تأكد، قلت في نفسي «وهذه واحدة أخرى، أو لربما الصوت ملصق للمقطع، فهي تحمل العلم السعودي وهي محجبة، والتي تريد أن تعادي المملكة على الأقل لا تظهر على هذا الشكل»! وهنا دق جرس، أعرفه تماما، في رأسي ودفعني لأعود لأتابع المقطع إلى الآخر، وما اتضح بعد ذلك كان أفظع مما توقعت! هذه المرأة لم تهاجم بلادي فقط، بل قامت بوضع علم المملكة على الأرض وأخذت تدوس على اسم الجلالة وهي ما زالت تصرخ والجمهور يرد بـ«hallelujah» ولم يبق سوى غناء «Hava Nagila» والبدء بالرقص من حولها!
إن ساندرا سولومون تصرفت تماما حسب سيناريو تعرف تماما أنه سوف يوصلها إلى الشهرة، ومثلت الدور بكل حذافيره! وبالطبع داعموها ممن يساندها ويجرئها بحجج الحرية وتحقيق الذات، نشروا كما نشر الغاضبون منها، وهذا ما كانت تعتمد عليه والذي تم للأسف! ساندرا سولومون تريد الشهرة؟ حسنا لها ذلك! ولكن شهرة ستخط اسمها في قائمة الذل والعار!
لنبدأ أولا بما قالته على إعلام العدو حين أجرى معها مقابلة على إحدى قنوات التلفزيون، بالطبع ليس حبا بها أو إعجابا، أو حتى لأنها عربية أو أنها كانت مسلمة وارتدت، وليس حتى لأنها قضت فترة في المملكة؛ البلد الذي لم تقدر له حتى عيشها بأمان في كنفه! بل لأنها من أصل فلسطيني ومن أسرة تعد فخرا للشعب والتاريخ الفلسطيني، فهي ابنة أخت المناضل الشهيد صخر حبش، والمقابلة معها ليست سوى إرسال رسالة إلى الشباب الفلسطيني وأخرى إلى جمهور الكيان الغاصب، وظهر ذلك جليا في طلب الإعلامي منها حمل صورة خالها بينما هي تتحدث! وأما هي فلم تكتف بذلك، بل أظهرت وشم كلمة «إسرائيل» بالعبرية على رقبتها، وآخر على ساعدها على شكل النجمة السداسية، وربما وشمت خريطة «إسرائيل» في مكان آخر من جسدها، فهو كما يقال «لبيس» وما زال فيه مساحات فارغة كرأسها! وأخذت تتذلل وتؤكد ولاءها لهم، وأن حلمها بأن تذهب إلى إسرائيل، وأضافت: «ولي الشرف في قول الحق، وأتمنى رفع العلم الإسرائيلي بكل احترام»! لماذا يا ترى؟ ألم تجد الحرية في كندا؟! بالطبع نعم، ولكن هذا لم يحقق ما كانت تصبو إليه، فالواضح أنها كانت تريد الشهرة والمال، وحين ارتدت وأخذت تحارب الإسلام لم تجد الأصداء والتفاعل الذي كانت تنشده فكما في كندا أمثالها فيها أيضا أمثال من يمثل الإسلام في أرقى صوره من خلال معيشتهم وتعاملهم مع الآخر، وهذا وحده يمثل الرد الأمثل على أكاذيبها عن الإسلام، فعلى ماذا أرشدها فكرها الأعوج؟ أن تتجه للكيان الصهيوني لتطلب وده ودعمه، وهي تعلم مسبقا أنهم بحاجة لأمثالها من أجل الدعاية السلبية ضد العرب والمسلمين، فهل قُدمت لها الجنسية؟ بالطبع لا، فلقد استخدمت كورقة قذرة لا مكان لها بعد ذلك سوى سلة القمامة، مثلها مثل بقية قائمة الخونة الذين عملوا لحساب العدو!
ثانيا، لنقرأ بعض ما جاء في بيان أسرتها وهي تتبرأ منها: «نود أن نعلن باسم عائلَة حبش وكل من يمت لها بأي صلة أننا نتبرّأ من المذكورة ساندرا سولومون، التي لم تترك الدين الإسلامي وحسب، بل وتنشر الأكاذيب عن الدين الإسلامي وتتغنى بحب إسرائيل وبولائها للدولة الصهيونية... ساندرا لم تبحث عن الحقيقة، بل بحثت عن المال والشهرة. خبر تحوّلها من الإسلام للمسيحية لم يمنحها الشهرة التي حلمت بها. فلجأت إلى بني صهيون فوجدت عندهم طلبها ووجدوا فيها مادة زخمة للإعلام.... استخدمت اسم المناضل صخر حبش، رحمه الله، لتضفي على قصتها الفارغة الكثير من التشويق. فكان تاريخ صخر النضالي تذكرة ساندرا للمال والشهرة السريعة. للأسف، فساندرا جهولة غير مثقفة. والدليل على أنها لا تمت لفلسطين وعائلة حبش بصلة أنها نسيت الكوفية الفلسطينية، رمز الثورة والكفاح، واستخدمت عَلَما واحدا من أعلام عائلة حبش لتصل إلى رغباتها المشوهة.... هي تركت الإسلام لتتوه في بحر من الضياع. فلو كانت قد اعتنقت المسيحية بحق لما ظهرت على شاشات التلفاز تتفوه بحماقات عن الدين الإسلامي، وعن عائلتها، وعن القضية الفلسطينية. ألم تُعلّمها المسيحية التسامح. ألم تعلّمها بأن إيذاء الغير خطيئة، وبأن التعفف فضيلة، لا يتبرأ من ساندرا شعب فلسطين وحسب، بل ويتبرأ منها كل عربي حر، وكل مسلم ونصراني ويهودي عرف الحق واتبعه. هنيئا لساندرا المال والشهرة، وهنيئا لنا الكرامة والحرية والشرف».
حاولت أن ترمي على الإسلام وعلى فلسطين قاذورات نفسيتها المريضة وفكرها العقيم ولكنه سوف يرتد عليها، ففي النهاية هي ليست سوى زبد سيزول، أما من سيبقى هو عمل الأخيار الذين يعملون بصمت، بعيدا عن الأضواء والشهرة والمال، لأن ما يقدمونه يمكث في الأرض ليخرج فيما بعد منافع وخيرا وجمالا للأمة وللبشرية، ولنا في كلام الله أوضح صورة وأكبر دليل، فلقد ضرب سبحانه وتعالى في سورة الرعد مثلين: الأول للحق في ثباته وبقائه، والثاني للباطل في اضمحلاله وفنائه، في قوله تبارك وتعالى:(أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الحَقَّ وَالبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ).