من المنشورات التي مرت على الكثيرين مقال تمت عنونَته بـ«المرحلة الملكية»، يتحدث كاتبه -المجهول- عن مرحلة عمرية تمر بالإنسان لن يجد نفسه خلالها مضطرا للخوض في أي نقاش أو جدال، ولو خاض فيه لن يحاول أن يثبت لمن يجادله بأنه مخطئ!
توقيت المرحلة هو الآخر مجهول، لذلك ينصحك بقوله: إذا وصلت يوما لتلك المرحلة لا تحاول أن تغير من نفسك، فأنت بذلك قد أصبحت ملكا على نفسك، واعيا جدا، ومطمئنا من داخلك..
المنشور الذي وصلني يتضمن نصائح جيدة، لكنها ضاعت في بحر الوهم الذي يُسوّقه عليك!
سأتوقف مثلا عند قوله: «إذا عشنا في مسكن مساحته 300 متر أو 3000 متر فإن مستوى الشعور بالوحدة واحد»!
وهذا محض افتراء، فالسكن في شقة في الدور الثاني، ليس كالسكن في فيلا بحديقة ومسبح.. ثم لماذا يفترض شعورك بالوحدة، ويتخذه دليلا لصحة مقولته، ولا يفترض شعورك بالسعادة، وزيارة أحفادك لك وحاجتهم لحديقة وصالة ألعاب!
ويقول في وهمٍ آخر: «سندرك أن السعادة لا تتيسر في الأشياء المادية؛ فسواء ركبت مقعد الدرجة الأولى أو الدرجة السياحية، فإنك ستصل لوجهتك في الوقت المحدد».. وهذا غير صحيح وتسويق آخر للوهم، فراكب الدرجة الأولى سيستمتع برحلة مدتها 16 ساعة متواصلة، وسيصل مرتاحا، بينما يحتاج راكب الدرجة السياحية ليومين ليعالج آلام رقبته وظهره، مرددا «لا عادت من رحلة»!
المغالطة الأخرى قوله: لا تحثوا أولادكم على أن يكونوا أغنياء، بل علموهم كيف يكونون أتقياء، وعندما يكبرون سينظرون إلى قيمة الأشياء لا إلى ثمنها!
وهذه مغالطة أخرى.. إذ لماذا لا نحث أولادنا على أن يكونوا أغنياء وأتقياء في آن معا.. انطلاقا من التوجيه النبوي الكريم «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف»..
مشكلة النصائح أن الذين يكتبونها أغنياء، وبالتالي هم يريدون من الفقراء أن يقنعوا بما لديهم حتى لا يشغلوهم!
قبل أن أنسى؛ آخر مرة وصل لي هذا المنشور كتب في السطر الأخير منه: «هذا المقال حاز على أفضل مقال لعام 2016، وتمت ترجمته لعدة لغات».. وللأسف هناك من سيصدق ذلك!