تعاني السياحة الداخلية في المملكة مشكلات كبيرة تحتاج إلى علاج مع أن إمكاناتها متوفرة ومتاحة، فالمملكة تتوسط دول الخليج العربي، وتتقاسم المسطحات المائية مع دول كبيرة، وتتوفر فيها المطارات الدولية في عدد من المدن السياحية، ولها رقعة خضراء ممتدة لآلاف الكيلومترات، هذا فضلا عن توفر شبكة طرق سريعة تربطها مع دول الجوار.
هذه المؤهلات الرئيسة للسياحة يمكن تعزيزها بتوفير برامج رحلات (بكجات) سياحية تتعاقد عليها الهيئة العامة للسياحة مع شركات طيران ووكالات سفر وعطلات بأسعار مناسبة، تجعل من المملكة قبلة للسائحين طوال العام.
ولأن المملكة تتمتع بمكانة دينية لا تنافسها عليها بلدان أخرى في العالم، فإن هذا يجعل من السياحة الدينية مصدرا قويا للدخل المحلي، حين تعزز برامجها وتوضع لها آليات جذب وتسويق مناسبة.
إن ارتفاع الأسعار في مواسم السياحة والعطلات ينفر السائح المحلي فضلا عن جذبه للسائح الأجنبي، وهذا يعني ضرورة تدخل الجهات المسؤولة لتنظيم السياحة، بوضع اشتراطات وتعاقدات موسمية تحفظ للأسعار ثباتها المعقول، وتجعل المستثمر في السياحة شريكا للدولة في برامج التنشيط السياحي.
لا بد أن يسعى الجميع لاجتذاب أولئك المواطنين الذين قضوا أسبوع إجازتهم في شرم الشيخ مثلا بتكلفة تقل عن تلك التي يمكن أن تكون لو فكروا في قضائها في جدة أو المدينة.
لا يكفي أن تترك الدولة السياحة في أيدي المستثمرين الذين لا هم لهم إلا الربح، من خلال منتج سياحي سيئ وغير جاذب، فهؤلاء يدركون رداءة منتجهم وقلة الطلب على المعروض منه، لذا يحاولون تعويض خسارتهم برفع الأسعار للضعف والضعفين أحيانا، ما يدفع المواطن إلى الهجرة طلبا للسياحة الأرخص والأفضل.
اليوم صارت المهرجانات الغنائية متاحة في البلد وإن ارتفعت أسعارها، وهذا يعني أن الفنادق والقرى السياحية يمكن أن تؤسس لنفسها فرقا غنائية محلية خاصة بها تجتذب السياح، فإذا كثر عدد القاصدين والمرتادين انخفضت الأسعار بشكل طبيعي، وصار المنتج السياحي جاذبا.
يمكن أيضا أن يختص كل فندق بنشاط موسمي يقصده القصاد طلبا لهذا النوع من الترفيه، كأن يختص أحد الفنادق باستضافة فرق عالمية للعبة الشطرنج سنويا، فيصبح هذا النشاط حكرا عليه، يترقب الجمهور برامجه المتنوعة طوال الموسم أو حتى طوال العام.
فإذا واكب تلك الأنشطة انخفاض في أسعار السكن وتذاكر الطيران ومدن الألعاب وبعض الوجبات في المطاعم، ستغدو مواسمنا السياحية أكثر جذبا، وسيفضل المواطن أن يبقى في بلده آمنا مطمئنا سائحا في أرضه، بدلا من المخاطرة بالخروج في كل عام مرة أو مرتين لبلاد لا مزية فيها أحيانا إلا توفر المنتج السياحي بسعر أقل.