الطفرة الاقتصادية الأولى حملت معها كثيرا من الآثار على المجتمع، وتحولنا من مجتمع بسيط إلى مجتمع حديث. هذا التحول كان له أثر بالغ على عادتنا وسلوكنا وحتى مظاهرنا.
وبعد عقود من انتهاء الطفرة بدأ الناس يستشعرون قيمة ما فقدوه. وبدأنا نلاحظ اهتمام الناس بالعادات القديمة التي تركناها، واهتمامهم بالأزياء الشعبية التقليدية، وإقامة مناسبات خاصة لها. والأهم هو توريثها للأجيال القادمة والأطفال.
ومن المظاهر الجميلة أيضا، والتي بدأنا نلاحظها ونشاهدها، إعادة ترميم كثير من المدن والقرى القديمة التي ظلت مهجورة لسنوات، وكانت أيضا مبادرة من الناس أنفسهم. تعاونوا لإعادة ترميم تلك المنازل التي تحمل ذكريات آبائهم وأجدادهم. وانتشرت هذه الظاهرة في معظم مناطق المملكة، وأصبحت هذه الأماكن مزارا لكل الناس من داخل المدينة وخارجها. حتى المتاحف الأثرية بدأت في الانتشار، وكل ذلك بجهود الناس وتعاونهم لإعادة إحياء تراثهم وتاريخهم الذي فقدوه.
الأمر لم يقتصر على ذلك فقط، فهناك كثير من العوائل التي توارثت مهنا معينة خلال أجيال، وحولتهم الطفرة إلى موظفي مكاتب، بدؤوا الاهتمام بتلك المهن وإعادة إحيائها.
ولذلك، نلاحظ كثيرا من المزارعين عادوا إلى قراهم ومدنهم التي كان يسكن فيها آباؤهم وأجدادهم. هذه الهجرات العكسية مفيدة جدا للمجتمع ويجب دعمها، حتى لا نقضي على تلك المدن والقرى الصغيرة، وحتى يتوقف الزحف الهائل إلى المدن الكبيرة.