انتقد كثير من الصحف الغربية مثل واشنطن بوست، وذا تيلغراف، وذا سن وغيرها مؤتمراً لمجلس الفتيات تم عقده في بريدة مؤخرا، بسبب اختفاء الفتيات من مقاعده دون إشارة إلا أنه ولأسباب ثقافية ومذهبية وتقليدية يمتنع كثير من السعوديات عن الظهور أمام الكاميرات، وهذا ما حدث مع عضوات ذلك المجلس. إن الصحافة الحقيقية لا ينبغي أن تسخر من رأس القشة دون الإلمام المعرفي الكامل بأصوليات أي قضية تتم الكتابه عنها، وهذا أمر يحسب ضد ناشري الخبر، والمضحك في هذا الأمر هو أن هذه الصحف بالتحديد متهمة بنفس ما جاءت به من حيث قضايا العرض الإعلامي غير العادل للمرأة، مثل تشييئها أو تجاهلها أو تنميطها، أما حين يأتي الوضع للمرأة السعودية فإن النماذج القليلة السلبية يتم عرضها كما لو أنها غالبية ساحقة، والنماذج الجيدة تدخل في إطار المخفي وغير المعروض، ربما لمخالفته أيديولوجيا الناشر، أو ربما لمخالفته فكرة سائدة عن السعوديات لا يرتاح أو لا يستفيد صاحب الصحيفة من تغييرها، لذلك يستمر كثير من الصحف الأجنبية بالحديث عن السعوديات من برج عاجي وهمي صنعه التنميط الإعلامي غير الدقيق.

أنا لا أدافع عن مجلس الفتيات أو غيره، لكن نقدي لمثل هذه السخرية العالمية من مواضيع مرتبطة بالمرأة السعودية يهتم بـ:

1 - عدم إلمام تلك المنصات الصحفية الغربية بثقافة العرب عامةً والسعودية خاصةً.

2 - ممارساتهم لنفس الأخطاء المهنية التي ينقدونها. نحن لا نمتلك وضعا نسويا ممتازا نعم، ولكن الأولى عدم الرضوخ لنقد الإعلامي الأجنبي، ذلك أنه غير ملم بماضينا وثقافتنا، أضف إلى أن الحل بيدنا، بل وإنه يستفيد من بقاء المشكلة، فهي تمنحه دوماً شيئا يتحدث عنه، ومن ثم يتكسّب من ورائه. وإذا نظرت لأي خبر عن أي سعودية في إحدى هذه الصحف فإن الصورة ستكون غالبا لامرأة بائسة، ذات عباءة مهترئة وبشارع قديم، وحتى زاوية التقاط الصورة ستكون غالبا مأخوذة بشكل مدروس وغير بريء، هذا إذا تغافلنا عن كل التلميحات النصية التي تستخدم في وصف السعوديات.

يقول إدوارد سعيد إن العرض الثقافي للعرب يمتاز بـ«لازمانيته»، حيث إن صورة العربي لدى الغرب في 1930 هي نفسها المتداولة في 1980، مع الأخذ بعين الاعتبار استحالة بقاء مجتمع نام كالشرقي بنفس الوضع لثلاثين أو أربعين سنة؛ فكيف إذا انطبق هذا الرأي على مجتمع كالسعودية يتطور بسرعة واستمرارية ملحوظة؟ لماذا ما تزال صورة السعوديات هي نفسها منذ عشرات السنين في الإعلام الغربي دون أي تغيير رغم حدوث تغييرات جذرية في وضع المرأة داخليا كالتعليم، والتوظيف وصولاً إلى الإشراك بمجلس الشورى؟ مثل هذه الأسئلة هي التي ينبغي علينا طرحها للإعلام الأجنبي، بدلاً من موافقته العمياء دون مجابهة أو نقد أو وعي بسياقاته وخلفياته.