خلال الموجة الثانية من عمليات اختراق الفيروس اللعين «شمعون»، والتي طالت كثيرا من الأنظمة الإلكترونية لوزارات وهيئات وشركات، سارع بعضها إلى نفي تأثرهم بالفيروس، مؤكدة على أن أنظمتها الإلكترونية محمية بشكل كامل وتعمل بكفاءة عالية.
لكن الواقع كان في واد وتأكيداتها في واد آخر، إذ تعطلت بعض الأنظمة الإلكترونية، وتوقفت عن تقديم خدماتها للجمهور لفترات متفاوتة، فعلقت مصالح الناس بين نفي المسؤول وتعطل النظام!
أذكر أنه في ذروة ضرب «شمعون» لأنظمة أحد الأجهزة الخدمية، تجاهلت نصائح أحد خبراء الأمن الإلكتروني في مواقع التواصل الاجتماعي، وحاولت الحصول على إحدى خدماتها، ثقة في تأكيدات ذراعها الإعلامية بسلامة أنظمتها، لكني فوجئت بتعطل النظام فترة طويلة، وفي كل مرة أتصل بهاتف الخدمة يبرر الموظف أن النظام يخضع للصيانة، ولا أعلم ما تلك الصيانة التي تستغرق عدة أسابيع؟!
لا أعلم تفضيل البعض وفتنتهم بخيار النفي أكثر من غيره، ولو منح الأمن الإلكتروني لديهم اهتماما بقدر ما يولونه لمثل تلك البيانات، لأصبحت آثار أي اختراق أقل وطأة مما هي عليه.
صحيح أن تعرض أي نظام إلكتروني لهجوم، أمر مزعج، ويعني وجود خلل ما، لكن الخلل الآخر يكمن في تعامل مسؤوليه مع المستفيدين بسذاجة، فمستخدم الخدمة يرى الخلل أمام عينيه، وسعادة المسؤول يكذّب ذلك، ولا أعلم هل يريد من الناس تصديقه وتكذيب عيونهم؟!
ماذا لو كشفت كل مؤسسة حكومية كانت أو حتى خاصة، حجم تأثرها بأي مشكلة تواجهها بكل صدق، إلكترونية كانت أو غير ذلك.
أنا على يقين بأن الناس سيحترمون هذه الشفافية، ويتفهمون الأمر بشكل أكبر مما لو اكتشفوه بأنفسهم لاحقا!
بشكل عام، استخدام النفي كأداة إعلامية عفا عليه الزمن، لأن الناس أصبحوا أكثر وعيا واطلاعا، وبالتالي ما يحاول البعض إخفاءه، سيراه الآخرون عبر قنوات أخرى، وعندها سيفقدون ثقتهم في المسؤول الذي لم يكن صادقا معهم.
نتيجة كثرة بيانات النفي، والتي يتبعها في أحيان اكتشاف حقيقة مغايرة، أصبحت أرى في أي بيان نفي اعترافا مبطنا بوجود مشكلة ما.