لمعت في ذهني عدة أسماء خلال متابعتي المبادرة المختلفة «صنّاع الأمل»، والتي أعلن عنها في دبي، تلك الدعوة مفتوحة لكل العرب من مختلف الأعمار للمشاركة فيها ترشيحا وترشّحا.
ابتداءً، هذه المبادرة الذكية ستوفر لدبي كنزا نوعيا ناطقا بالعربية في هيئة قاعدة بيانات رائعة وحافلة ومختلفة، يجمعها محرك عظيم هو الأمل.
لفت نظري خلال متابعة أخبار المبادرة أمران: الأول، لاحظته خلال حديثي مع من أرى فيهم صُنّاعًا للأمل، كنت كلما تحدثت مع أحدهم ليرشِّح نفسه أسمع إجابات من نوع: «لكنّي لا أشعر بالارتياح لترشيح نفسي»، أو «لا أريد أن أبدو كمن يسوِّق نفسه»، أو «أنا أقوم بهذه الأفعال لله وليس لجائزة مادية أو معنوية ولا حتى للشهرة بين الناس». لكني أظن أن علينا أن نشعر بالارتياح لترشيح أنفسنا، فمن يعرفها أكثر منا؟ من يعرف أكثر منا ما تعلمناه من دروس؟ ومن غيرنا يحمل ندوب التحديات التي خضناها على قلبه وروحه؟ لا أحد غيرنا يعرف عدد المرات التي ألقينا فيها بأنفسنا في عين عاصفةٍ ما، متسلحين بالإيمان والأمل ودعاء الأمهات، ومثل هذه القصص لا بد أن تُروَى.
كما لا أرى بأسا في تسويق المرء نفسه، بل علينا أن نسوِّق أنفسنا بما يليق بها وبنا، فمن سوانا يعرف خبراتنا الفعلية التي لا نكتبها كلها في السيرة الذاتية، من يعرف كنوز تجاربنا أو القائمة العريضة من العثرات والتحديات التي حلقنا فوقها بجناحي العمل والأمل؟ وقد سبقنا نبي الله يوسف -عليه السلام- في قصته الشهيرة، حينما قال لعزيز مصر «اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظٌ عليم».
أمّا عن نيتنا وحرصنا على إخفاء العمل الطيب، ابتغاء وجه الله ورجاء ماعنده سبحانه، فإعلان الخير باب للخير أيضا، إذ إن ازدحام الفضاء بالشرور وعدم سماع البشر بأعمال الخير قد يغلق باب الاقتداء. والقدوة الطيبة مهمة جدا في تأصيل الفعل الطيب.
الأمر الآخر اللافت، هو ظاهرة مشرقة تمثلت في حرص بعض قادة المشاريع على ترشيح مشاريعهم، وليس شخوصهم، وهذا من وجهة نظري يدل على روح قيادية واعدة ووثابة، تعرف أن نجاح الفريق هو نجاح القائد، والعكس صحيح أيضا.
فالفريق الذي يجمعه الأمل وتوحده الرؤية والأهداف، ويستظل برسالة واضحة، سيصل -بإذن الله- إلى النجاح، ويمنح مشاريعه عمرا أطول من عمر القائد، لأنه ارتبط بفكرة لا بشخص.
حقيقةً، لا يهم من سيفوز بهذا اللقب، بل يهمني أن أعرف كم عدد المتقدمين ممّن انطبقت عليهم الشروط؟، يتملكني الفضول لأعرف كم صانعًا للأمل بيننا؟، فصناعة الأمل فن لا يتقنه كل البشر، مع حاجتنا كلنا إليه، وعدم اكتفائنا منه.