البعض يفسر احترامك له ضعفا أو سذاجة منك أو قد يفسره خوفا، ولا يعلم بأن تعاملك هذا ناتج عن نمط حياة وفطرة جُبلت عليها منذ نعومة أظافرك، وثقة عالية بالنفس والمبادئ، وأن هذا الأدب يرفع لديك منسوب الرضا عن ذاتك كلما تخلّقت به، ويقين منك بأن احترامك للآخرين هو احترام لذاتك قبل كل شيء.
وهناك فرق بين الاحترام وغيره، لأن الاحترام يوجب عليّ الاستماع لك وإبداء رأيي وملاحظاتي بكل مشاعري والعكس من ذلك، فمن يخاف منك لا يستطيع أن يناقشك ويُكوّن رأياً مستقلاً، ولا أن يُظهر مشاعره تجاهك بالشكل المطلوب، بل يشوّهها - بقصد أو دون قصد - ويكذب فيها!
والبعض لا يستطيع الصبر على من يسيء إليه، ولا يحترمه - سواء بالأقوال أو الأفعال أو من خلال وسائل التواصل - وتكون ردات فعله سريعة وقاسية، وربما يقطع كل جسور التواصل، والبعض الآخر يستطيع أن يصبر ويوطن نفسه على ذلك، ويحاول قدر الإمكان التحكم بسلوكه ومشاعره تجاه تلك الإساءة لعدة أسباب، كأن يكون المسيء صديقا مقربا، أو قريبا تربطك به صلة رحم.
ومن وجهة نظري فالأفضل والأسلم - عندما ينعدم الاحترام وتستمر الإساءة - هو تجنب مثل هؤلاء الأشخاص، وليس المقصود بتجنبهم أن تقطع كل ما يربطك بهم، وصنع فجوة عميقة بينك وبينهم، ولكن عاملهم بثقة وتوازن وذكاء واحترام وسطحية بعيداً عن الجدل ورد الإساءة بأخرى، لأن ذلك يعيق تقدمك ورقيك، ويجعلك دائماً تلتفت إلى الخلف، بل استمر في طريقك بخطوات ثابتة ومتزنة، ولكل من قل احترامه للآخرين وأساء إليهم اعلم بأن تكرار ذلك تجاههم يجعلهم ينفرون منك، وتأكد بأن احترامهم لك ليس خوفاً أو ضعفاً كما ذكر سابقاً، بل ذلك بسبب خلل نفسي في داخلك، وحقيقة لم تدركها بصورتها الطبيعية.
وختاماً إياك أن تمازح الآخرين وتسيء إليهم، وفي نفس الوقت تغضب عندما يمازحونك، فذلك بلا شك تناقض واضطراب في الشخصية بحاجة إلى التدخل العلاجي.