جهزت شنطتي للسفر، أخذت أفضل ما لدي من اللباس، سافرت لمدة أربعة أيام، عدت من السفر ولم أستخدم ثلثيّ ما في الشنطة!
استغربت هذا الموقف كما كنت أستغرب من أطفالي عندما أشتري لهم ألعابا. يفرحون بها يوما، يومين، يرمونها، يريدون غيرها!
تكدست الغرفة بالألعاب، لدرجة أني أجدها في كل مكان بالمنزل. كل هذه الألعاب لم تسعدهم، أصبحت سعادتهم في طلب المزيد، وهذا المزيد لا ينتهي ولا يرضيهم!
لا تحاول أن تنتقدني أنا وأطفالي فأنت أيضا ربطت سعادتك بالأشياء!
إذا كنت تملك منزلا فأنت تتمنى قصرا، وإذا كنت تملك سيارة فحتما تريد أخرى أكثر فخامة. لا تخف لست وحدك من علق سعادته بالأشياء، كلنا كذلك، فصاحب القصر أصبح يريد قصرا أكبر، وصاحب السيارة الفخمة أصبح يريد طائرة خاصة، حتى صاحب الملايين أصبح يريد مليارات. حسنا ثم ماذا؟
هل وجدنا السعادة؟
سيطرت علينا الرأسمالية بشكل مخيف وأوهمتنا أن السعادة في اقتناء الأشياء. دعايات، إعلانات، تسويق في كل مكان. صوروا لنا حياة المشاهير والأغنياء، وصار همنا أن نملك مثل ما يملكون، قبل أن نسأل هل هم حقا سعيدون؟
أصبحنا نركض خلف وهمٍ لا ينتهي. وتنتهي أعمارنا ونحن لا نعرف قيمة السعادة.
نريد فقط أن نشتري ونشتري ونشتري! هل الأشياء التي نقتنيها هي التي ترفع قيمتنا عند أحبابنا وأصدقائنا؟ أم أنها مجرد أشياء؟
جرب أن تزور أعز أصدقائك وأنت تلبس ساعة ثمينة، ثم جرب أن تزور نفس الصديق بدونها، هل سيتغير شيء؟
اكتشفت أن أبنائي أصبحوا أكثر سعادة عندما أتواجد بينهم وألعب معهم، سعادتهم بذلك كانت أكبر بكثير من سعادتهم بكل الألعاب التي يملكونها.
أخيرا، نحن بحاجة لقليل من التجرد لنعرف أن السعادة ليست في الأشياء.